وأما رأي الشيخ عدي في النزاع بين (علي ومعاوية) فإنه يقول (كانا إمامين مجتهدين، ولكن المصيب منهما علي رضي الله عنه، وأصحابهما أصحاب إمامين مجتهدين، وقتالهم كان باجتهاد ولطلب الحق لا لحظوظ الدنيا، ولم يكن أحد منهم حريصاً على قتل أخيه، وقتلاهم جميعاً في الجنة. ونكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وننشر محاسنهم رضى الله عنهم، وإن الله قد غفر لهم)، فنرى أنه كان معتدلاً في رأيه يرى أحقية (الإمام علي)؛ ولكنه مع هذا لا يبخس (معاوية) حقه.
وامتاز عصره بظهور عدة مشايخ كمل (كالشيخ عبد القادر الكيلاني، والشيخ قضيب البان الموصلي، والشيخ أحمد الرفاعي، والشيخ وهب السنجاري) وغيرهم كثير. وكان (الشيخ عدي) أحد هؤلاء الكمل. وأسس طريقته (العدوية) فدخل فيها الأكرار والموالون للحزب الأموي ومن هذا الوقت صار يطلق على أنصار الحزب الأموي اسم (الأكراد العدوية) فظهرت حركتهم بمظهر صوفي، ولكن حبهم لبني أمية لم يطرأ عليه تغيير سوى أنهم خففوا من بغضهم لآل البيت، وكان ذلك بتأثير شيخهم (عدي). وعمر الشيخ عدي تسعين سنة. ونال من القبول عند أصحابه ما لم ينله سواه. وتوفى سنة ٥٥٧هـ، ودفن في زاويته التي بناها (بلانش)، وقبره هناك معروف يزار.
وكان الشيخ قد استخلف ابن أخيه (صخر) قبل موته، وكان هذا عالماً عاقلاً على جانب كبير من الدين والتقوى، وصارت منزلته عند العدوية لا تقل عن منزلة عمه. سلك بأتباعه طريق الخير وأبعدهم عن المفاسد والشرور.
وخلفه بعد موته ابنه (أبو المفاخر عدي)؛ وكان لا يقل عن أبيه في العلم والورع وسلوك طريق الخير بأتباعه. وصار لهذه الأسرة منزلة عند العدوية دونها منزلة الملوك. ولكن الثلاثة الذين سلفوا لم يتدخلوا في أمور الدنيا. انقطعوا إلى الله عز وجل فكان الله معهم.