للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٣ - فن المسرح]

للأستاذ عبد الفتاح البارودي

ربما يكون من المناسب - قبل أن استطرد في حدثي عن القيم المسرحية - أن أناقش ما أثاره الأستاذ (رمزي خليل) من خلاف حول قولي (بالعدد ٧٥٩): إن البانتوميم والميم فنان رومانيان إذ قال (بالعدد ٧٦٠) ما نصه: (. . . إن اليونان عرفوا هذين النوعين بل إن أهر ممثليها هو بيلادس الممثل اليوناني المعروف وإذن يكون هذا الفنانان يونانيين وليسا رومانيين).

وقد كان من الممكن أن أحسم هذا الخلاف بنقل عبارة تكاد تكون مشتركة في شتى المعاجم الأدبية بصددهما وهي: أي ابتداع روماني بحت) ولكني أوثر أن أنساق مع حجة الأستاذ المعترض إلى أقصى ما تحمله من فروض. وقبل كل شيء أبادر فأوافقه على أن بيلادس ممثل يوناني. . ولكن ما العلاقة الحتمية بين جنسية الممثل وبين الفن الذي يمثله؟ ألا يجوز أن تمثل (الفرقة المصرية) رواية فرنسية ثم يظل الممثلون مصريين وتظل الرواية فرنسية؟ لو أن بيلادس هو الذي ابتدع البانتوميم والميم ابتداعاً لجاز أن نجد مبرراً، وأن كان بمفرده ضعيفاً، لعزوهما إلى جنسه. أما وهو مجرد ممثل من جهة وهناك من هو أشهر منه - كما سنوضح بعد - من جهة ثانية ومقر تمثيلياته روما من جهة ثالثة وشهرته قاصرة على البانتوميم وحده دون الميم من جهة رابعة. فكيف يتأتى لنا إذن أن ننسبهما معاً إليه؟! وحتى لو فرضنا إن هذا الممثل بالذات ابتدع فناً ما - أي فن - لما صح أن نعزوه إلى (اليونانية) إلا بتحامل شديد؛ لأن المصطلح عليه في الآداب والفنون القديمة أن العصر اليوناني أو الهليني ينتهي بانتهاء الكلاسيكية اليونانية في أواخر القرن الرابع ق. م ثم يبدأ العصر الهلينستي مزدهراً في المدرسة الإسكندرية التي حملت لراء النهضة العلمية والأدبية بعد أثينا. ثم تزدهر روما بانتقال النفوذ السياسي إليها ويمتد عصرها الأدبي من منتصف القرن الثاني ق. م إلى القرن الخامس ب. م تقريباً. فإذا عرفنا بعد ذلك أن بيلادس بلغ أقصى شهرته في فن البانتوميم حوالي عام ٢٠ ق. م. أدركنا بسهولة أن عصر بيلادس كله واقع في العصر الروماني الأدبي.

ومع هذا فلعل من المستحسن أن نتحدث بإيجاز عن كل من البانتوميم والميم زيادة في

<<  <  ج:
ص:  >  >>