أصدرت الحكومة المصرية في هذا الشهر كتاباً للدعاية عن مصر باللغة الإنجليزية هو وقد شمل كثيراً من نواحي النشاط الاقتصادي والعلمي والاجتماعي في القطر، وكان مما اشتمله هذا السفر مقالة للدكتور محمد مصطفى زيادة الأستاذ المساعد بكلية الآداب عن النهضة الفكرية في مصر جاء فيه:(كان تأسيس الجامعة المصرية عام ١٩٠٨ أحد العوامل الفعالة الحيوية في قيام النهضة الذهنية في أرض الفراعنة، أما قبل هذا التاريخ فكانت مدرسة الشيخ محمد عبده الأزهرية (المتوفى سنة ١٩٠٥) والمدارس العليا التابعة لوزارة المعارف المصرية هما القوى الوحيدة التي شنت حرباً عواناً صالحة على الجمود المردي الذي كان ضارباً بجرانه على البلد؛ بيد أن كلتا القوتين قد عاق تقدمهما طبيعة مجالهما ووجودهما، مثال ذلك أن مدرسة الشيخ عبده كانت تتألف من شرذمة ضئيلة من المصلحين الغيورين الذين حاولوا - متفرقين - القيام بتغييرات شاملة في نواح عدة رغم ما كانت تهددهم به الرجعية والجمود، ومن ثم فانه على الرغم من أن مشكلة التقدم الفكري كانت أقرب الأمور إلى نفوسهم إلا أن اتساع مدى مثلهم العليا لم يسمح لهذه الناحية إلا بالقدر الضئيل من اهتمامهم. أما المدارس العليا التي كانت تابعة لوزارة المعارف فإنها لم تستطيع أن تتزعم الحركة الفكرية، ولا تؤوي إليها النهضة الذهنية في البلد، ومرجع ذلك وجودها بالكيفية التي كانت عليها؛ إذ أن مهمتها كانت تخريج موظفين مدنيين وحكوميين لمصالح الحكومة المختلفة.
ومن الحق أن تضخم عدد طلاب هذه المدارس الذين كانت توفدهم الجامعة إلى أوربا عاماً بعد عام للحصول على درجات وإجازات جامعية قد عاد على مصر بالفائدة المرجوة التي تكافئ المهمة التي أدوها للدولة، إلا أن عدد هؤلاء الجامعيين كان محدوداً على العموم، كما أن التعليم الجامعي في مصر كان (واردات غير منظورة) فكان داعياً لضرورة إيجاد جامعة واحدة على الأقل في مصر. وكان إنشاء الجامعة القديمة بدء ظهور معهد علمي فريد ولم تعقه صعاب المصلحين والمدارس العليا، بل كان له أثره الصالح وفائدته المرجوة في مصر؛ بيد أن الجامعة وجدت عقبة مالية كأداء في سبيلها إذ كانت تقوم على هبات شرعية