[الحرب في البحر]
للأستاذ عبد الرحمن البناء
رِكبوا الهولَ خيفةً أن يُضاموا ... وَمِن الصعب أن تُضامَ الكرام
أعلنوا الحربَ والمدافعُ ثارت ... بِبَراكِينِهَا وأودى السَّلام
ومشوا تحتَ وابلٍ من حريقٍ ... فوقَ بحرٍ أمواجُهُ ألغام
ثَبتوا كالِجبالِ فوق جِبالٍ ... ماخِراتٍ بهم وُهم أعلام
الأساطيلُ والقنابلُ أفنَتْ ... ما بنَتْهُ السيوفُ والأقلام
إن تَرامَتْ ما بينَها بالمنايا ... ضاقَ ذَرعاً بمن تُصيبُ الْحِمام
أو أرادت إفناء مُلْكٍ عَتِيدٍ ... لم يَحل دون قصدها استحكام
غير أنَ القَضاَء قادَ إليها ... طائراتٍ قضاؤها إبرام
فرَمى مَخْزِنَ العِتادِ شُواظٌ ... من لَهيب فَشَبَّ فيها ضَرام
غَرِقَت ما نجا من الناسِ إلا ... بعض ركاّبها وفي الماءِ عاموا
ومتى تَغْرَقُ النفوسُ ببحرٍ ... من نجِيعٍ ترسو به الأجسام
وَسَفِينٍ تَنُوءُ باُلْجْندِ مَرَّتْ ... وعلى الجندِ هيبةٌ واحترام
كُلُّ فرْدٍ شاكي السلاح قَوِيٍّ ... مِلْءُ فيهِ على العدوِّ انتقام
حَرَسَتْها لدى الوغَى طائِراتٌ ... غير أن الوغى لها أحكام
باغتتها غوَّاصةٌ بشظايا ... لا يفل الحسامَ إلا الحسام
جَنَحَتْ للمغيبِ حيرَى فغابت ... وتدلَّى على الضياء الظلام
نَزَلَتْ كالستائرِ بعد فُصولٍ ... مَثَّلَتْهَا لمن وعي الأيام
خطَرُ الغوَّاصات قد زادَ لَّما ... غَرِقَتْ في دُموعِها الأيتام
كلما أبحرَت وغاصت لفتكٍ ... غاص منها في البحر جيشٌ لُهام
إن للغواصاتِ في البحر حرباً ... وقفَت عند حدِّها الأفهام
غرقٌ عاجلٌ وفتكٌ ذريعٌ ... وصِرَاعٌ دامٍ وَمَوْتٌ زُؤام
هي حوتُ الوغى وفي طرَفيها ... للأساطِيلِ مِعْوَلٌ هدَّام
تلبَسُ الماَء أن رأتْ رَمْيَ رامٍ ... مثلما يلبسُ الدروعَ الهمام