للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[درامة من أسخيلوس]

الفرس

للأستاذ دريني خشبة

اشترك أسخيلوس في الحروب الدامية التي نشبت بين فارس وهيلاس، وكان ميدانها وطنه والبحار المحيطة به، وقد اشترك كذلك في موقعة سلاميس البحرية التي تحطم فيها أسطول إجزرسيس ثم ظل متصلا بالجيش اليوناني إلى ما بعد انتصاره في بلاتيه وميكالي؛ ولذلك تعتبر هذه الدرامة مصدراً هاماً من مصادر هذه الحروب، ويعدها مؤرخو الأدب اليوناني أصدق مما ورد في تاريخ هيرودوتس بصدد الحرب الفارسية. ذلك لأن أسخيلوس كان شاهد عيان لوقائع هذه الحرب بينما كان المؤرخ اليوناني ما يزال طفلا لا يزيد عمره على خمس سنوات. وقد مثلت الدرامة بعد موقعة بلاتيه بسبع سنوات

- ١ -

ينقلنا أسخيلوس إلى فارس سيدة الأرض، ويطوف بنا دارات عاصمتها (سوس) حتى نقف عند القصر الملكي المنيف، مقر الأكاسرة، وقلب الإمبراطورية النابض. فنحن إذن بعيدون عن ميادين القتال في البر والبحر، لا نشهد الطعن والضرب، ولا نرى إلى فتك الحراقات اليونانية بأساطيل الأعداء، ولا تهولنا هرولة الكتائب الفارسية فوق تلك القنطرة الضخمة من السفن المتراصة بين عُدْوَتي الهلسبنت تنساب فوق بطائح هيلاس كأنها سيل العرم. . . ثم لا يبهرنا عاهل العجم البائس وقد وقف فوق أكمة تشرف على أبيدوس وما يجاورها من شطئان الهلسبنت، يطل على جيوشه الجرارة تعبر البحر الزاخر. . . ويبكي. . . فإذا سأله وزيره: (فيم بكاؤك أيها الملك؟) شهق شهقةً عميقة وقال: (أنظر أيها الوزير: هذه طروادة! وهؤلاء جندي! ويبكيني ألا يكون أحد من هذه الألوف عائشاً بعد حقبة واحدة من الزمان! أليست هذه طروادة؟؟)

لن نرى إلى شيء من ذلك، ولكن نرى عصبة عتيدة من مشايخ فارس وساداتها النُّجُب يتناجون في حديقةْ القصر، متلهفين إلى خبر يذهب بهذا القلق العظيم الذي يساورهم من

<<  <  ج:
ص:  >  >>