لقد هدأت الفورة التي ثارت في صدور طلبة الجامعة المصرية بمناسبة تفكير الوزارة في رفع درجات النجاح في الامتحانات وهي فورة لم يكن لها موجب، لأن من واجب الطلبة أن يرتاضوا على المصاعب، وأن يظهروا بمظهر التحدي الجريء لمتاعب الدرس والتحصيل.
ولكن هناك فورة منتظَرة، فورة حميدة العواقب، لأنها ستصدُر عن الأساتذة لا عن الطلاب؛ وفورة الأساتذة لا تعرف مغاضبة الشرُّطة، ولا تفكر في تحطيم المصابيح، وإنما هي فورة يقع فيها التصادم بين الأفكار والعقول.
ولكن متى يقع ذلك التصادم فنسمع أن فريقاً من الناس رجعوا إلى ضمائرهم فأدركوا أن لهم (فضلاً) عن زعزعة التعليم الابتدائي والثانوي، وأنهم مسئولون عن المصير الذي لا نجاة من شره إلا برفع درجات النجاح في جميع الامتحانات؟
لو ملكتُ حرية الخروج على الذوق لطوّقت رجال الجامعة ورجال المعارف بأطواق من حديد، وكيف وأنا أخاطب أقواماً تؤذيهم خطرات النسيم، ويرون النصحَ - وإن لطُف - ضرباً من التمرُّد والثورة على مقاماتهم العالية؟
وأنا مع ذلك سأحاول تذكير تلك المقامات بما اجترحتْ في ميدان واحد هو ميدان اللغة العربية، فاسأل في ترفّق وتلطّف:
من المسئول عن قصّ حواشي منهج اللغة العربية، بحيث صار من المؤكد أن تلاميذ المدارس الابتدائية قبل عشر سنين كانوا يعرفون من القواعد أضعاف ما يعرف تلاميذ المدارس الثانوية في هذه الأيام؟
ولأي غرض كثُر التغيير والتبديل في ذلك المنهج؟ وبأي حق جاز أن يظفر الشاب بإجازة الدراسة الثانوية، وهو لا يملك القدرة على تشريح فقرة واحدة من الجهات النحوية والصرفية والبلاغية؟ ولأية غاية تدرس اللغة العربية في المدارس إذا كان من حق كل تلميذ أن يجهل من قواعد اللغة ما يشاء؟