زار أحد الشعراء معالي أحمد موسى بدر بك وزير العدل في مكتبه بالوزارة، فوجد من تواضعه وحسن استقباله وفرحته بلقاء الأدب ما أنطقه بهذه الأبيات:
أبى الله إلا أن تزيد تساميا ... فما زادك الكرسي إلا تدانيا
وما حاجة العدل بأصل وسؤدد ... ليطلب من جاه الوزارة عاليا
وما عجب جمع النقيضين في امرئ ... بعدت، ولكن كنت بالفضل دانيا
فما بدل الكرسي منك جوانبا ... ولا غيَّر الكرسي منك نواحيا
ترى المجد أعمالا كبارا وهمة ... وغيرك يلقاه منى وأمانيا
وأوليتني بالعطف منك مآثرا ... فقلدت جيد الشعر منك غواليا
وكدت أمني النفس بالظلم مرة ... لعلي ألاقي الحق عندك ثانيا
لن الزمخشرية:
كتب الأستاذ هارون محمد أمين في بريد الرسالة الأدبي عدد ٧٦٥ تعليقا تحت عنوان (لن لا تفيد تأكيدا ولا تأييدا) تعقب فيه ما جاء في كلام معالي عبد العزيز فهمي باشا من إفادتها لذلك وقال (والذي أعلمه أن لن كما ذهبت إليه جمهرة النحاة لا تقضي تأييد النفي ولا تأكيده ولم يقل بذلك إلا الزمخشري) الخ. ثم ذكر في التدليل على إبطال ما ذهب إليه الزمخشري قوله (واذكر في الرد عليه أدلة منها أنه لم يقم دليل على كونها للتأييد وأنها لو كانت كذلك للزم التناقض بذكر اليوم في قوله تعالى: فلن أكلم اليوم إنسيا، وللزم التكرار بذكر الأبد في قوله تعالى: قل لن تخرجوا معي أبدا) ولا ريب أن ما ذكره الأستاذ هارون مبين في مثل القاموس والمغني وغيرهما؛ غير أن كثيرا من المحققين قد بحثوا هذا الموضوع وأتوا بما يختلف مع ما نقله الأستاذ هارون فرأيت أن ألفت النظر إليه:
ذكر الإمام الزمخشري في كشافه ومفصله: أن لن معناها تأكيد النفي، ووافقه على ذلك كثير من النحاة كما ذكره الصبان في حواشي الأشموني والجلال السيوطي في همع الهوامع. ونقل الأخير في الإتقان أن العرب تنفي الشكوك بلا، والظنون بلن. وفي كلام سيبويه ما يؤيد هذا الرأي إذ يذكر أن لا نفي ليفعل، ولن نفي لسيفعل والأخير مؤكد في الإثبات فكذلك