للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة الشعر]

صاحب البعثة الكبرى

(إلى القطيع المشرد التائه، المتمدن الوحشي، السابح في

الدماء. . .)

للأستاذ محمد بهجة الأثري

خَلَتِ الدُّهورُ وأنت أنت الأوحدُ ... ذِكرى مُقَدَّسَةٌ ومجدٌ سَرْمَدُ!

تتضاَءلُ العُظَماءُ عندَك والكُنَى ... وتَحُطُّ شاهقةٌ ويصغُرُ سُؤْدَدُ

كالطَّوْدِ تضربُ في السماءِ شِعافُه ... وعلى قواعِدِهِ المنازلُ ترقُدُ!

قدُسُ النُّبُوَّةِ من يُطاوِلُ سَمْكَهُ ... أو مَنْ يَرُومُ سماَءهُ أو يصعَدُ؟

هي مَظْهَرٌ لله جَلَّ جلالُهُ ... لم يُعْطَها غاوٍ ولا مُتَمَرِّدُ

قد كنتَ صَفَوْةَ خَلَقْهِ فحباكَها ... شَرَفاً. فأنت المُصْطفَى المتفرَّدُ

وَقَفَ الفلاسِفةُ الكبارُ تَخَشُّعاً ... مِنْ دُونِ بابِكَ ظامئينَ لِيَجْتَدُوا

رادُوا الينابيعَ التي فَجَّرْتَهَا ... ماءً وَظِلاً بارداً واسْتَوْرَدُوا

ما كلُّ ماءٍ كالفُرَاتِ مَذَاقُهُ ... كلاً، ولا كلُّ المراعي يُحْمَدُ

كَمْ مِنْ زَعَامَةِ سَيَّدٍ مَحَّصْتُها ... فأني عليها النَّقْدُ لا تَتَجَلُّدُ

يَبْنوُن مَجْدَهُمُ على قَهْرِ الوَرَى ... والَمجْدُ يَبْرَأُ منهُمُ والسُّؤْدَدُ!

ألفَتْحُ عندَهُمُ هَوَي وتَعَسُّفٌ ... ومَمالِكٌ تَهَوِي وأُخرى تخمُدُ

أُسَراءُ أَهْواءِ النُّفُوسِ فَحَمْدُهُمْ ... يومٌ، وأما ذَمُّهُمْ فَمُؤَبَّدُ

لم يَظْهَرُوا إلا لِيَخْفَوْا مِثْلماَ ... تَبْدُو فقاقيعُ السُّيُولِ وتَهْمُدُ

وظَهَرْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ إلا أنها ... تَخْفَى ونورُكَ في الَخْليقةِ سَرْمَدُ!

وبَنيْتَ بالحقَّ المبينِ فلا هَوىً ... يَطْغَى عليكَ ولا منُيً تَتَرَصَّدُ

ألفَتْحُ عِنْدَكَ شِرْعَةٌ وعقيدةٌ ... وأُخُوَّةٌ وتَراحُمٌ وتَوَدُّدُ

دُسْتُوُرُكَ الفُرْقانُ: أَمَّا وَعْظُةُ ... فَهُدَىً، وأَمَّا حُكْمُهُ فَمُسَدَّدُ

عالٍ على الأهْواءِ لا مُتمَلَّقٌ ... أَحَداً ولا مُتَعَسِّفٌ يَتَمَرَّدُ!

<<  <  ج:
ص:  >  >>