للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[المدينة المسحورة]

للأستاذ سيد قطب

بقلم الأستاذ وديع فلسطين

عز على الأستاذ سيد قطب أن تتوفر شهرزاد على العناية بأطفالها بعدما أمضت ألف ليلة وليلة تقص فيها على زوجها الملك شهريار قصصاً جذابة تستهوي فؤاده، وتحفزه إلى طلب المزيد. وعز عليه أن تسكت شهرزاد عن الكلام المباح وفي جعبتها تلك القصة الرائعة (المدينة المسحورة) التي استطاع الأستاذ سيد أن ينتزعها من صدر الملكة بقدرة فائقة.

فلم تكد تمضي مئة ليلة على صمت شهرزاد، حتى دب الملل إلى قلب الملك شهريار وخرج يعسعس في الظلام صوب حجرة زوجه، تراوده نفسه على إيقاضها لتستأنف أحاديثها الشهية، ولكن العزة الملكية تحاول تنحيته، وسرعان ما تحس شهرزاد بحركته وهو بين الإقدام والإحجام، فتستوضحه الأمر، وهي به من قبل عليمة، ثم ترضى أن تمنح الملك عشر ليال من أجمل ليالي حياته، تقص فيها عليه قصة حب عجيب وقصة انتقام أعجب.

ملك تيمه حب راعية شويهات، فلم يطب له مستقر، ولم يستطع أن يستوي على أريكة عرشه، حتى تزوجها مؤثراً إياها على قريبة له من الأسرة الملكية أوصى والده بالزواج منها.

وينجب الملكان أميرة ذات قد مياس، ووجه مشرق، وجمال يشع على بدنها نوراً علوياً.

ويدور دولاب الزمن، فيستهوي قلب الأميرة راع من رعاة الغنم؛ ولكن المرأة المنبوذة التي أبى الملك أن يقبلها زوجة له احترفت السحر، ثم انتقمت من نابذها - ويالها من نقمة - في شخصه وابنته وعائلته ومدينته، فأخالت المدينة بسكانها تماثيل، وماتت هي بدورها مقتولة تضم بين جنبيها سر هذه المدينة المسحورة وكيفية فضه.

وبعد ألف من السنين، يجيء مثَّال من سلالة راعي الغنم الذي كان يزمع الزواج بالأميرة، لزيارة تلك المدينة المسحورة، فيستلبه تمثال الأميرة إعجابه، ثم لا يلبث أن يهوى هذا التمثال ويعشق صاحبته عشقاً مبرحاً، وإذ ذاك يُفَكُّ عن المدينة نطاق السحر الذي ضرب حولها، فما يشفى داء الحب سوى الحب، وما يبرئ المريض من كلَبِه سوى مصل الكلب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>