إذ معنى الكلمة العربية لا يتأدى بمجرد نغمات الحروف، بل هذه النغمات محركة في اتجاهات مختلفة. وهذا الغرض لا يؤديه الرسم العربي مطلقاً، أو هو يؤديه ويؤدي كثيراً غيره في آن، مما يوجب التشوش والاضطراب. وهيهات أن يسعفنا هذا الرسم العاجز، ولو أضيف إليه الاضطلاع المتين بقواعد اللغة من صرف ونحو وغيرهما - وما تقوله في صدر صحيفة ٣٩ مما حاصله أن لجمود الرسم فائدة تخليد ما خلّفته قرائح أهل اللغة من الآثار، فاسمح لي أن أقول إن هذا كلام جيد معقول، ولكن على شرط واحد وهو أن تكون هذه المخلفات ممكناً لأي عارف بالقراءة والكتابة أن يقرأها على الوجه الذي أراده واضعها. وما أظن السيد يعارض في هذا الشرط أو يرى سهولة تحققه، خصوصاً مع تطور اللغة وعدم استقرارها على حال واحدة، ذلك التطور الذي وضع كل كتابه لبيانه. وإذن بقينا مرتطمين بالصعوبة التي نحن فيها الآن.
لا أريد أن أقول إن حضرة الأستاذ الفاضل يستعمل في عرض أفكاره القيمة التَّقِيَّةَ التي طالما استعملها الجاحَظ وغيره من كبار السلف المحترمين، بل كل ما أريد أن أقوله للسيد هو أني أنست كثيراً بكتابه وفرحت بسعة علمه. وإني أرجو الله أن يكثر من أمثاله وأن يوفقه في عمله ويأخذ بيده فيه، والسلام مع أوفى الشكر والاحترام.