للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

أشجار السنديان

للكاتب الروسي الكبير ايفان بوتين

للأديب حسن فتحي خليل

كنت حينئذ في الثامنة والعشرين من عمري، ولقد حدث هذا منذ زمن بعيد، أيام القيصر نيقولا الأول، وكنت قد عينت ضابطاً في الحرس القيصري

وفي تلك السنة التي لن أنساها منحت إجازة أسبوعين لزيارة عائلتي في أملاكنا القريبة من ريازان حيث تقيم والدتي بمفردها بعد وفاة والدي

وما أن وصلت البلدة حتى وقعت في شباك الحب فلقد ذهبت لتفقد أملاك جدي بالقرب من قرية بتروفسكوي التي لا تبعد عن ضيعتنا كثيراً، ومنذ ذلك اليوم وأنا أحاول أن أجد عذرا لمعاودة الذهاب إلى هناك دائما، فالريف الروسي ريف مقفر وخاصة في فصل الشتاء، ولكن قرية بتروفسكوي قد أحسنت الطبيعة وضعها، يقوم على أطرافها متنزه صغير يطلقون عليه (أشجار السنديان) فهو يتاخم مجموعة من أشجار السنديان الضخمة العتيقة_يقبع تحتها كوخ قديم في محاذاة الحديقة المغطاة آنئذ بالثلوج، ويتناثر بقربه حطام مالك المقاطعة القديم المتداعي

هناك. . وفي هذا الكوخ القابع تحت كوخ أشجار السنديان كنت أذهب يوميا لأبادل لامز محضر المحكمة الذي يقطن هناك أحاديث تافهة لا معنى لها، محاولاً أن أكسب صداقته، وأنا أبعث نظرات دافئة إلى زوجه الصامتة أنفيسا التي تبدو وكأنها امرأة أسبانية أكثر منها فلاحة روسية ساذجة. كانت في نصف عمر لافر، ذلك الفلاح القاسي بوجهه الأحمر ولحيته النحاسية كأنه زعيم عصابة من اللصوص

كنت أقرأ في الصباح أي شيء يقع تحت يدي ثم أقوم إلى البيان فأعزف وأنشد أغنية (أيتها النفس. . هل تلتمسين الحب أو الفناء؟) وبعد تناول الغذاء أستعد لقضاء الغروب في (أشجار السنديان) بالرغم من الرياح والعواصف

وهكذا انقضت عطلة عيد الميلاد وقرب ميعاد عودتي إلى عملي، وقد أخبرت لافر وأنفيسا

<<  <  ج:
ص:  >  >>