يوما في عدم مبالاة بقرب سفري فقال لافر، إن خدمة الإمبراطور طبعا مقدمة على كل شيء. ثم استدار خارجا من الكوخ ليحضر شيئا ما، وكانت أنفيسا تجلس وعلى ركبتيها ثوب تخيطه، فتابعت زوجها بعينيها الأسبانيتين. وفي اللحظة التي أغلق فيها الباب خلفه رفعت إلى عينيها الدافئتين وقالت في همس:
(يا سيدي. . إنه سيقضي ليلته غدا في القرية، فتعال هنا لنقضي أمسية الوداع، لقد كنت أخفي ذلك في قلبي. ولكني الآن أصرح لك بكل شيء. . فإن أشد ما يؤلمني هو أن أفترق عنك)
ولقد غمرني هذا التصريح بالغبطة طبعا ولكني حاولت أن أهز رأسي موافقا إذ دلف لافر بعدها إلى الكوخ
ويمكنك تخيل اللهفة التي كنت أشعر بها وأنا أنتظر ذلك الموعد. لم أدر ماذا أفعل لأقطع الوقت حتى غروب اليوم التالي. وكنت أفكر في شيء واحد فحسب، سأترك كل شيء وسأستقيل من فرقتي وأقضي بقية عمري في الريف وأربط حياتي بها حين يموت لافر. . وهكذا كنت أحدث نفسي (أنه رجل عجوز. . . ويجب أن يموت وشيكا) بالرغم من أني لم أضع في إعتباري أنه ما زال في الخمسين من عمره فقط
وأخيرا انقضى الليل، فجلست أدخن في غليوني وتناولت بعض الشراب وأثملتني تخيلاتي الحارة حتى انقضى النهار الشتوي القصير، وابتدأ الظلام يهبط، وقامت عاصفة هوجاء في الخارج. وتساءلت كيف أغادر المنزل وأي عذر أنتحله لوالدتي؟ فلم أحر جواباً حتى خطرت لي فكرة مفاجئة ز سأتسلل سرا. . . وهذا كل ما في الأمر
وتظاهرت بأني متعب فلم أتناول العشاء وأويت إلى فراشي. وما أن انتهت والدتي من تناول عشائها ودلفت إلى حجرتها حتى أسرعت بارتداء ملابسي في خفة وأسرعت إلى الإسطبل وطلبت من الخادم أن يجهز لي المركبة الخفيفة
كان الجو في الخارج قاتماً حتى أنه يتعسر عليك أن ترى ما هو أمام أنفك بالرغم من الثلوج المتساقطة العاصفة. ولكن الحصان كان يعرف الطريق جيدا، وما أن مرت نصف الساعة حتى ظهرت أشجار السنديان حول الكوخ، ولمع الضوء الخافت في النافذة، فربطت الحصان وألقيت عليه غطاء ثم ركضت نحو الكوخ وهناك وجدتها في أكمل زينتها ووهج