لك الله يا بن آدم، ما أغمض سر الطبيعة فيك! تزعم أن فيك عقلا
وأنت تتبع هواك، وأن لك ديناً وأنت تعبد دنياك، وأن عندك علماً وأنت
تجهل نفسك!
ما هذا الذي نرى من خذلان المنطق لك، وإسراف الرأي عليك؟ تعرف الله وتفسق عن طاعته، وتخلق الصم وتخلص في عبادته، ثم تقدس الجرائم باسم العدل، وتعتقد الأباطيل باسم العقل، وتفسد قوانين السماء وتقول إنه الشيطان، وما الشيطان إلا نفسك؛ وتزيف طبائع الأشياء وتقول إنه الحظ، وما الحظ إلا عماك!
إن من عماك لا من عبث الحظ أن يكون في بيتك الكلب يتقلد الذهب، ويتوسد الحرير، ويتهنأ اللحم، وفي جوارك الإنسان يفضح جسده العري، ويلحس كبده الجوع، ويقض مضجعه الهم
وإن من هواك لا من نزغ الشيطان أن تلح على أخيك بالأثرة والحرمان ثم ترثي لحالته؛ وإذا كان من عمل الشيطان أن تقتل القتيل فليس من عمله أن تمشي في جنازته؟
في الأسبوع الذي كان الرصافي شاعر العربية يعالج فيه آلام المرض، ويكابد غصص الموت، على الفراش القلق، في المضجع الموحش، وكل ما يملكه من حياته الطويلة العريضة أسماله البدوية وأشعاره المخطوطة، في ذلك الأسبوع نفسه كان أغا خان زعيم الإسماعيلية يقعد في كفة الميزان المأثور المشهور كما ترى، وبازائه في الكفة الأخرى مائة كيلو من سبائك الذهب المصفى، هي مثقال الزعيم العظيم في هذا العام، خرج له عنها أتباعه في الهند وفي غير الهند، ونفوسهم راضية، وقلوبهم مطمئنة!
إي والله! مائة كيلو من الإبريز الخالص، هي ضريبة العقيدة يقدمها المؤمنون المخبتون كل سنة إلى أميرهم المقدس، ورقابهم من الجلالة خواضع، وعيونهم من المهابة نواكس، فيتعطف صاحب السمو بأخذها، ليطهرهم بها، ويزكيهم لأجلها، في حلبات السباق، وخلوات العشاق، ومعابد الحب، على البحيرات الناسمة بالنعيم، والجبال الباسمة بالجمال،