أنتشر الإسلام بين الأمم فدخل الناس في الاخوة الإسلامية وصاروا أمة واحدة، واتخذوا اللغة العربية لسان الدين والعلم، لا يكتبون غيرها
ولما حيت لغاتهم على مرّ الزمان بجانب العربية كتبوها بالخط العربي الذي ألفوه، وترك من كان ذا كتاب منهم كتابته الأولى. ولم يخسروا في هذا شيئاً إذ كانت الكتابة العربية على علاتها أوضح وايسر مما كان عندهم
- ١ -
كان الفرس يكتبون بالخط الفهلوي، وهو مشتق من الخط الآرامي القديم، والخط الفهلوي مبهم مشكل. قال الأستاذ براون إنه يصدق فيه ما قاله أحد الفرنسيين عن الخطابة إنها فن إخفاء الأفكار، يعني أنه خط يخفي الألفاظ. ذلك بما تشابهت حروفه، وبما اشتركت الأصوات المختلفة في بعض الحروف. وقد أدى هذا اللبس إلى ما لم يعهده التاريخ في لغة أخرى. كان الكتاب يكتبون كلمة آرامية مكان كلمة فارسية خوفاً من اللبس، فإذا قرأوا نطقوا بالكلمة الفارسية غير المكتوبة، وتركوا الآرامية المكتوبة. روي عن ابن المقفع أنه قال: إن في اللغة الفهلوية ألف كلمة تقرأ ولا تكتب. ورى ابن النديم في الفهرست من أمثلة هذا أنهم كانوا يكتبون كلمة (بسرا) الآرامية ويقرءون كوشت (لحم) بالفارسية، ويكتبون (لهما) الآرامية ويقرأون نان (خبز) بالفارسية
ولم تكن الألفاظ الآرامية مقصورة على ما يستعار من لغة إلى أخرى من الأسماء، بل كان فيها أفعال وضمائر وإشارات. وكانوا يلحقون بالكلمات الآرامية خواتم فارسية الخ، ومن أجل صعوبة الخط الفهلوي ندر القارئون في ذلك العهد
فكان خيراً للفرس أن كتبوا لغتهم بالحروف العربية لهذا، وللأخوة العامة التي أدخلهم الإسلام بها حين مدّ ظله على الأمم وأراد أن يمحو الفروق بين بنى آدم