وأما الترك فكان أكثرهم قبائل أمية لا تعرف قراءة ولا كتابة، وتسربت إلى طوائف منهم كتابات الأمم المجاورة. كتبت بعض الأسماء والألقاب التركية بالهيروغليفية الصينية في القرنين السابع والثامن بعد الميلاد. ولما أريد تنصير الترك النازلين على بحر الخزر في القرن السادس ترجم لهم الكتاب المقدس، وكتب بالحروف اليونانية. وكذلك كتبت التركية بالحروف اليونانية في جهات الطونة، وكذلك كتبت التركية بالعبرية، والنسطورية، والهندية، والسلافية، والأرمنية الخ الخ
وقد أثر عن جماعات من الترك ضربان من الكتابة يمكن أن يعدا كتابة تركية. وهما الخط الأورخوني الذي دلت عليه الآثار التي عثر عليها حوالي نهر أورخون في سيبريا، والخط الأويغوري. والأول كتبت به تركيا الشمال، وبالثاني كتبت تركية الجنوب
فأما الخط الأورخوني فيرى أكثر العلماء أنه مشتق من الخط الآرامي القديم. وقد كتب به فئات من الترك من القرن الرابع الميلادي إلى القرن الثامن. وهو مؤلف من ثمانية وثلاثين حرفاً، أربعة منها حروف حركة، وثلاثة منها مركبة. ويوصل به غالباً كلمتان أو ثلاث معاً. وأحيانا يستغني بالحرف من الكلمة فتكتب (ت) للدلالة على آت (فرَس) و (ز) للدلالة على آز (قليل) وهكذا. ولا ريب أن هذا الخط لا يقاس بالخط العربي وضوحاً ويسراً وكمالاً
وأما الخط الأويغوري وهو أحدث الخطين، وأطولهما عهداً، وأوسعهما انتشارا، فيظن أنه حل محل الخط الأول منذ القرن الثامن الميلادي. كتبت به أول الأمر ترجمة الكتب البوذية، وبقى بين الأويغوريين وغيرهم من الترك، بعد أن دخلوا في الإسلام فكتبت به الدولة الخاقانية في كشغر (٣٢٠ - ٦٠٩هـ) والدولة الجنكيزية، والايلخانية (٦٥٤ - ٧٤٤) ودولة آلتون أوردو في قفجاق (٦٢١ - ٩٠٧). وكتبت به بعض الكتب الإسلامية حتى القرن العاشر الهجري. وهذا الخط مشتق من الخط الصْغدي والصغْدي مأخوذ من الآرامية أيضاً، وهو أربعة عشر حرفاً يدل بعضها على أصوات مختلفة. وهو من اللبس والعسر بحيث لا يقاس بالخط العربي أيضاً
فكان من نعم الإسلام أن بدل بهذين الخطين الخط العربي الذي صار خط الأمم الإسلامية جمعاء. ثم الآثار القليلة التي أثرت في الخطين الأورخوني والأويغوري في بقاع ضيقة،