أحييك يا مصر بتحية السلام وأحي فيك الزعامة للعالم العربي. الزعامة التي كانت عن جدارة واستحقاق، لا عن احتكار واغتصاب، وإنك تحلين اليوم في العالم العربي محل السمع والبصر، ومحل العقل والفكر، رضى به الناس أم لم يرضوا، ولكن الواقع لا ينكر
أحي فيك يا مصر نفاق سوق العلم ورواج بضاعة الأدب، وتقدير رجال العلم والفن، فقد أنجبتهم واحتضنتهم ودافعت عنهم، وحدبت عليهم، فهم أبناؤك البررة وأنت الأم الحنون
أحي فيك الأزهر الشريف الذي كان ولا يزال المنهل المورود في الدين والعلم للعالم الإسلامي، والذي لا يضارعه ولا يزاحمه في تقدم السن وطول العمر وامتداد الظل وكثرة الإنتاج معهد أو جامعه على وجه الأرض
أحي فيك المكتبة العربية التي فاضت وامتدت كالنيل وأصدرت كتبا ومطبوعات عربية لو وضع بعضها فوق بعض لكانت مثل الأهرام أو أرفع
أحي فيك على اللغة العربية وجهادك في إحيائها ونشرها ورفع شأنها وتوسيعها حتى أصبحت بجهود أدبائك وكتابك، وبفضل الصحافة المصرية والحياة السياسية، وبفضل حركة التأليف والترجمة والنشر، وبفضل المجمع اللغوي؛ لغة راقية عصرية علمية سياسية فنية لا تقل في غزارة مادتها وقابليتها لتعليم العلوم العصرية والطبيعية والرياضية عن أي لغة من لغات الغرب
أحي فيك عددا مشرفا من الأدباء والكتاب، فيهم الكاتب المبدع، والمترسل القدير، والأديب الفنان، والباحث الناقد، والعالم الضليع، والمؤرخ الأمين، والفيلسوف الحكيم، ولمحدث اللبق، والروائي المصور، والمتهكم اللاذع، والمضحك المطرب، والمصلح المنتقد، والشاعر المطبوع، والسياسي المناقش، والصحاف البارع، إذا كتب أحدهم في موضوع ردد العالم العربي صداه، وافتخر المتأدبون بتقليد أسلوبه والنسج على منواله، واحتجوا به كما يحتج بشعر القدماء
أحي فيك يا مصر هذا وغير هذا، وكن لي معك اليوم شانا آخر. إن لي معك كلاما أرجو