لا تخلوا أخبار الحاج في كل سنة من أحداث خطيرة تلم بهم يتعمدها قطاع الطرق والفساق ومن خرج على الدولة يومذاك؛ فتسلب أموالهم، ويقتل اكثرهم، ويتيه بعضهم في بطن الصحراء فيهلك من العطش والجوع والحر. ولا يسلم منهم إلا نفر قليل
فمن تلك الأحداث ما وقع في سنة ٢٨٦هـ، والخليفة يومذاك المعتضد. ذكر المسعودي أن في هذه السنة (ظفر أبو الأغر خليفة بن المبارك السلمي بصالح بن مدرك الطائي بناحية فيد مكراً في ذهابهم إلى مكة، وقد كانت الأعراب جمعت لأبي الأغر ليستنقذوا صالحاً من يديه، فواقعهم فقتل رئيسهم جحيش ابن ذيال وجماعة معه واخذ رأسه، فلما علم صالح بن مدرك بقتل جحيش بن ذيال يئس من الخلاص من يد أبي الأغر؛ فلما نزل المنزل المعروف بمنزل القرشي أتاهم غلام بطعام فاستلب منه سكيناً وقتل نفسه، فاخذ أبو الأغر رأسه وأظهره بالمدينة فتباشر الحاج. وكان لأبي الأغر في رجوعه وقعة عظيمة اجتمع هو وتحرير وغيرهما من أمراء قوافل الحاج من الأعراب؛ وكانت الأعراب قد اجتمعت وتحشدت من طي وأحلافها، فكانت رجالتها نحواً من ثلاثة آلاف راجل، والخيل نحو من ذلك، فكانت الحرب بينهم ثلاثاً وذلك بين معدن القرشي والحاجر، ثم انهزمت الأعراب وسلم الناس. وكان ممن تولى بابي الأغر الحيلة على صالح بن مدرك سعيد بن عبد الأعلى، ودخل أبو الأغر مدينة السلام وقدامه رأس صالح وجحيش، ورأس غلام لصالح اسود، وأربعة أسارى وهم بنو عم صالح بن مدرك. فخلع السلطان في ذلك اليوم علي أبي الأغر وطوقه بطوق من ذهب، ونصبت الرؤوس على الجسر من الجانب الغربي، وادخل الاسارى المطبق)