للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القصصُ

قصة مصرية:

أحزان غالية

للأستاذ نصري عطا الله سوس

(. . كان لها قلب، وكان قلبها)

(المتمسك بالحياة سر ما تعانيه من عذاب)

كان الصمت الموحش الرهيب يخيم على قاعة المسرح المزدحمة بالجماهير التي توافدت لرؤية رواية (المنبوذ) في ليلتها الأولى، وكان الجميع يتتبعون التمثيل بشغف واهتمام وقد ارتسمت على وجوههم أروع العواطف وأعمق الانفعالات. . .

ولم يكد يهبط الستار على الفصل الأخير وتضاء الأنوار حتى بدد وحشة الصمت دوي الهتاف والتصفيق الذي تجاوبت به أنحاء القاعة الواسعة، وارتفع الستار مرة أخرى وقدم الممثلون للجمهور فروض الشكر والامتنان، ثم هبط الستار مرة ثانية، ولكن حماسة الجمهور لم تفتر بل ظل يهتف ويصفق في نشوة وذهول كأنه يأبى الرجوع إلى عالم الواقع الذي انتزعته منه تلك المسرحية الرائعة ساعات خالدات. . .

ولم تقل نشوة الممثلين، وموظفي المسرح، ومؤلف الرواية نفسه عن نشوة الجمهور، فلم يكن بين كل أولئك من يقدر لهذه المسرحية التي تردد مدير الفرقة كثيراً في قبولها مثل هذا النجاح النادر في تاريخ المسرح كله، نعم. إن شهرة المؤلف ومكانة الممثلين لا يتطرق إليهما شك ولكن المشكلة التي عالجها المؤلف في مسرحية أعلى من مدارك الغالبية من رواد المسرح؛ والحديث الذي أجراء على ألسنة أبطالها أقرب إلى حديث الفلاسفة والشعراء منه إلى حديث عامة الناس، كما أنه هاجم أفكارا وعقائد باطلة لها على نفوس العامة سلطان كبير وإن كان لا يشك أحد في تفاهتها وسخفها ولقد جازف مدير الفرقة بقبول الرواية للتمثيل معتمداً على ما تتمتع فرقته من ثقة وسمعة طيبة وتفنن في الإعلان المغري عنها رواح ينتظر النتيجة. . . ونجحت الرواية في ليلتها الأولى نجاحا فاق كل حسبان وتقدير.

<<  <  ج:
ص:  >  >>