أول مسألة تواجه المبتدئ في دراسة التاريخ هي مسألة اختيار موضوع البحث، والمسألة تختلف بالنسبة للطالب الذي يبدأ دراسته الجامعية عنها بالنسبة للباحث الذي أنهى مرحلة التعليم المدرسي وبدأ يتطلع إلى الدراسة العلمية المنتجة. فالطالب المبتدئ في التعليم الجامعي لا ينتظر منه عادة أن يقوم ببحث أصلي، أو أن يكشف عن مجموعة وثائق لم تكن معروفة من قبل، أو أن يستخلص حقائق تاريخية مجهولة؛ وإنما المطلوب منه أن يتوفر على تحصيل وسائل الإعداد والتدريب الذي يؤهله للعمل العلمي في المستقبل. فالطالب أثناء الدراسة الجامعية يختار - بإرشاد المدرس - بعض الموضوعات المدروسة، لا لكي يبحثها من جديد وإنما للتمرين والتدريب والاقتباس؛ وهو في هذا يشبه دارس الكيمياء أو الطبيعة الذي يقوم بعمل التجارب التي ثبت صحتها نهائياً لكي يتدرب ويعرف ما عمله غيره من قبل. فطالب التاريخ يستطيع أن يختار موضوعات متنوعة في الفروع التي يدرسها. ويمكنه أن يبحث بعض الموضوعات العامة، كأن يختار مثلاً كتابة ملخص عام عن تاريخ نابليون في حيز محدود. ويعتمد على القليل من المراجع الأساسية عن الموضوع التي يأخذها من المدرس أو التي يستخرجها بنفسه من كتب المراجع. فيقتبس ويدون مذكرات من هذه المراجع. وينبغي أن يلاحظ وضع أرقام الصفحات لكي يمكنه الرجوع إلى بعض النقط عند الضرورة؛ ثم يقارن ويمزج بين المعلومات التي جمعها، ثم يعرض بإيجاز نشأة نابليون وتعليمه وشخصيته وتدرجه في المناصب، وحروبه في الشرق وفي أوربا، وحكومته وإدارته، وظروف أوربا في عهده، ووقوف إنجلترا في سبيله، ثم سقوطه وحياته في المنفى. ويعطي الطالب ملخصاً وافياً لكل هذه النواحي. وهو في هذه الحالة سيتجاوز عن الكثير من التفصيلات والحركات المحلية. وسيكتفي بالمسائل المهمة البارزة فقط، سواء أكانت حوادث الحروب أم مشاكل السياسة الداخلية أو الخارجية. وبعد