ذلك يختار الطالب جزءاً من الموضوع العام الذي ألم به مثل موضوع حملة نابليون على روسيا في سنة ١٨١٢، فيبحث الظروف التي أدت إلى تلك الحملة، ويتبع سيرها والحركات الحربية التي وقعت، ووصول نابليون إلى موسكو، ثم ارتداده وفشله، وما يترتب على ذلك من الآثار في فرنسا وفي أوربا. وهو في هذا سيبحث موضوعاً أكثر تحديداً من الموضوع السابق، وإلمامه بتاريخ نابليون العام سيساعده على فهم الحملة الروسية. ثم يتدرج إلى بحث نقطة تاريخية محددة بالذات مثل معركة واترلو، فيدرس في بعض المراجع العامة الظروف التي أدت إلى هذه المعركة ويوازن بين القوى الحربية لكل من فرنسا وإنجلترا وبروسيا، ثم يدرس خطط المعركة، ويتبع العمليات الحربية، ويوضح كيف هزم نابليون؛ ثم يشرح النتائج التي ترتبت على ذلك. ويمكن للطالب أن يطبق هذه الطريقة في نواح مختلفة من التاريخ. وهذا التدريج نافع جداً لأنه سيجعله يدرك فائدة الإلمام بتاريخ العصر أو الموضوع العام؛ وأثر ذلك واضح في فهم النواحي الخاصة، وفي التغلغل في بحث الموضوعات الجزئية. وسيعلمه هذا التدرج ضرورة الاهتمام بالجزيئات المعينة مع عدم إغفال الروح العام والنظرة العامة عن العصر الذي يبحث فيه. فلا بد من العناية بهاتين الناحيتين معاً على اتساق وتوافق. ثم يدرس الطالب بعض الوثائق الأصلية المطبوعة لبحث موضوع معين؛ كما يدرس بإرشاد الأستاذ طائفة مختارة من الوثائق المخطوطة، ويستخرج منها بعض الحقائق اللازمة لبحث نقطة معينة. وهذا كله كتدريب وإعداد للمستقبل. وما ينطبق على الطالب في الجامعة ينطبق على أي شخص لم تتح له فرصة التعليم الجامعي في بلد كمصر ويشعر في نفسه بالميل إلى دراسة التاريخ وبحثه
وعندما يتم الطالب مرحلة التعليم العالي ويحصل على درجة جامعية، ويرغب في متابعة البحث التاريخي، فإن اختيار موضوع البحث يبدو بشكل مخالف. فهو في هذه الحالة لا يستطيع أن يبحث أي موضوع كان؛ لأن المطلوب أن يقوم ببحث ويكشف عن حقائق تاريخية جديدة؛ فلا يكون البحث بناء على الرغبة فقط، وإنما يكون بناء على ما يجب أن يبحث، أو ما الذي يمكن أن يبحث. والباحث المبتدئ قد يثير اهتمامه أثناء دراسته بعض المسائل في تاريخ اليونان القديم أو في تاريخ العصور الوسطى أو في تاريخ الروسيا مثلاً. فللمضي في بحث إحدى هذه النواحي ينبغي أولاً أن يعرف العلوم المساعدة الرئيسية