للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[صرخة العبقرية!]

للأستاذ راجي الراعي

هزَّني أمس وأنا أتنقل في دنيا الجبابرة صراخ هائل عنيف كاد يمزق الأثير ويهتك حجاب الأفق فأسرعت إليه فإذا هناك ستة عباقرة يستجيرون بالسماء والأرض، وكأنهم مجموعة آفاق ماطرة وبراكين ثائرة تختلط فيها الحمم المشتعلة بالسيول الهتانة فسألت: ما بكم أيها المنتحبون الثائرون ومن أنتم؟ فكشفوا لي صدورهم فإذا هي تحمل هذه الفظائع:

- أنا جائع واسمي (هوميروس)!

- أنا ظمآن واسمي (فرجيل)!

- أنا عريان واسمي (ديوجينس)!

- أنا أعمى سجين واسمي (المعري)!

- أنا مهشم الجسم واسمي (غاليله)!

- أنا يا عباد الله في الشارع وقد طردني المالك ولا بيت لي آوي إليه واسمي (سبينوزا)!

ففار دمي وأطلقت من أعماق الروح صرخة حمراء مخيفة اهتزَّ لها ضمير الزمان، وهجمت وفي جبيني حمى الانتقام على الخبازين، وجمعت ما لديهم من الخبز وطرحته أمام (هوميروس) صائحاً: كل أيها الجائع، إن خبز الخبازين هو لك لأنك تُغذِّي الخلائق.

وهرعت إلى الجبال وأطلقت الينابيع أمام (فرجيل) صائحاً: اشرب أيها الظمآن فهذه الينابيع هي بعض ما تدفق بها وحيك وإلهامك.

وتصديت للبلهاء المرتدين أفخر الحلل ونزعتها عنهم صارخاً: إن (ديوجينس) الفيلسوف عريان فتخلوا له عن حللكم أيها البله المغتصبون. .

ووثبت إلى الشمس وانتزعت منها ألف شعاع وأسرعت بها إلى (المعري) ليستعين بها، ويرى بعينه الشمس التي تضطرم في عبقريته. .

ورجوت من الخالق أن يوقف دورة الأرض احتجاجاً على تعذيب (غاليله) الذي قال بها ولم يؤمنوا به. .

وشهرت سيفي على الملاَّكين وحملقتُ مزمجراً: افتحوا أبوابكم (لسبينوزا)، أنه أحق منكم ببيوتكم فهو المالك الحقيقي، المالك الأكبر، مالك العقول والقلوب. .

<<  <  ج:
ص:  >  >>