تختص مصر في هذه العادة دون سائر بلاد العالم المتمدن، إذ لا يشاركها فيها سوى قبائل السودان وأواسط أفريقيا. ولم أهتد إلى أصلها؛ غير أن اقتصارها على هذه المناطق واختصاص نساء الغجر بإجرائها، ويشاركهن الدايات الآن، يحمل على الظن بأنها عادة مصرية قديمة انتقلت إلى مصر من الجنوب بواسطة هؤلاء الغجر الذين اتخذوا منها مورداً للارتزاق. ولست أعرف رأي القانون ووزارة الصحة في ممارسة هذه العملية إذ أنها عملية جراحية حقيقية لها أخطارها، ويجب أن يكون لها إجراءاتها وقيودها؛ غير أنني كطبيب أريد أن أوضح لأبناء وطني ما ينطوي عليه ممارسة هذه العملية من أضرار طبية ونفسية واجتماعية، بجانب ما يظن لها من فوائد أكثرها وهمي
وأول هذه الأضرار هو الخطر الجراحي الذي ينشأ من النزيف، والأضرار الأخرى لا تحدث أعراضها إلا بعد زواج الفتاة، ومنشأها أن الجزء الذي يقطع (البظر) هو عضو تناسلي أساسي، لأن به كل الحساسية الجنسية للأنثى، وليس هو كما يظن الشخص العادي يماثل الجزء الذي يقطع في ختان الذكور، فإن هذا قطعة من الجلد لا قيمة لها. فإزالة هذا العضو تماثل في نتائجها قطع الجزء الحساس من العضو التناسلي في الذكر. فالمرأة المتزوجة في هذه الحالة لا تحصل على الاكتفاء الجنسي الذي هو أساس لحياتها التناسلية، وينتج عن ذلك الإصابة بالنورستانيا والأمراض النفسية والعصبية المختلفة، كما وهذه الأمراض منتشرة بين النساء اللواتي يجب اعتبارهن جميعاً ناقصات جنسياً لهذا السبب. وإنني أعتقد أن في اقتصار حفلات الزار على البلاد التي تمارس هذه العادة وهي مصر وأواسط أفريقيا ما يوضح علاقة بينهما، كما يوضحها كثرة انتشار الخرافات المتعلقة بالاعتقاد في إصابة بعض النساء بالجن والمشايخ والأسياد وما يجده الدجالون من سوق رابحة بينهن باستغلال هذه المعتقدات
ومما ينشأ أيضاً عن عدم الاكتفاء الجنسي لدى المرأة أنها تظن ذلك بسبب عجز تناسلي من زوجها الذي يشاركها في هذا الاعتقاد لجهله، ويظن بنفسه نقصاً في رجولته أو مقدرته