إن الجامعة التي أنشئت لمقاومة الاحتلال، هي الدار التي ارتفع فيها صوت الاستقلال.
فما السر في أن يكون للجامعة هذا السلطان؟ ما السر في أن تصنع في الأيام القصار ما عجز عنه غيرها في الأعوام الطوال؟
لا تسألوها ولا تسألوني، فقد تواصينا على الكتمان، وسر المجد لا يذاع
ليست الجامعة حجرات، ولا غرفات، ولا مدرجات، ولا وظائف، وإنما هي: روح وفكر وعقل وبيان
ثم أواجه العهد الثاني فأقول:
في صيف سنة ١٩٢٥ أخذت الحكومة في التأهب لتنفيذ مشروع ترددت في تنفيذه سنتين (فإن الاتفاق بينها وبين الجامعة
عقد في سنة ١٩٢٣، يوم كان الرجل العظيم زكي باشا أبو السعود وزيرا للمعارف) وكان مصدر التردد أن الحكومة لا تعرف بالتحديد كيف يكون نظام الجامعة في عهدها الجديد
ثم بدا للجامعة الجديدة أن تراعي تقاليد الجامعة القديمة فتستشير أقطاب الجامعات الأوربية في الأوضاع التي تحمي تنفيذ
المشروع من الإخفاق
وما هي إلا أيام حتى اّستطاعت أن تستقدم كبار الأساتذة من الجامعات الفرنسية والبلجيكية والإنجليزية
ولأول مرة في تاريخ مصر الحديث أنشئت كلية جديدة اسمها كلية العلوم، وهي الكلية التي عجزت الجامعة عن إنشائها في عهدها الأول، بحجة أن كلية العلوم لا ترتجل، كما صرح المسيو بوفيليه، وكان أحد خطباء حفلة الافتتاح في ديسمبر
سنة ١٩٠٨ إذ قال:
'
كان إنشاء كلية العلوم أداء لرسالة جديدة من رسالات الجامعة المصرية، ولكنها رسالة