للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

ديوان صبري باشا

تحقيق الأستاذ أحمد الزين

للأديب محمد فهمي عبد اللطيف

في الشعر العربي كثير من الشعراء الذين استبدت بشعرهم عوادي الزمن ومحن الأيام، فضاعت آثارهم في أجواء العصور الحالية، وذهبت دواوينهم بين سمع الأرض وبصرها. ولعل الذي ضاع من الشعر العربي أكثر من الذي بقي. ولعل الأيام لو أسعدتنا ببقاء هذه الثروة كاملة لكان للأدب العربي وجهة غير وجهته، ووضع غير الوضع الذي هو عليه اليوم. وإذا كان للقدماء العذر في ذلك من صعوبة التدوين، وندرة الكتابة، ومشقة الرحلة، فما عذرنا نحن إذا ما فرطنا في آثارنا الطيبة وتركنا نتاج أدبائنا البارزين نهب الضياع، على حين قد أصبح التدوين سهلاً ميسوراً تؤديه الآلات، ويتم بأيسر النفقات! إننا لا شك أمة جاحدة لا تقدر أدبائها، جامدة لا تحترم فنها، قاصرة إذ تفرط في الجميل النافع، بينما يذيع فيها القبيح التافه!

هذا ما كنت أقوله لنفسي إذ يجري على لساني بيت من أبيات صبري باشا السائرة؛ أو أستمع إلى مغن يغرد بأغرودة من أغاريده الخالدة، أو يرتفع صوت في الندى بأسماء الشعراء الذين نهضوا بنا في الأدب، وحفظوا علينا في الشعر كرامة النسب إلى العرب. ولقد كان الأسى يتملكني إذ أرى شعر ذلك الشاعر الممتاز في شاعريته وفي مصريته مشتتاً لا يجمعه ديوان، مهملاً لا يفي بطبعه صديق، مفقوداً لا يهزج به الأبناء ولا يدريه إلا الخاصة من المعمرين. وأخيراً وبعد خمسة عشر عاماً مضت على وفاة الشاعر سمحت الأقدار، ففزع لجمع ديوانه صهره الكريم صاحب العزة حسن رفعت بك، ونهض لتصحيحه وضبطه وشرحه وترتيبه صديقه وملازمه الشاعر الراوية الأستاذ أحمد الزين، فكان في ذلك وفاء للشاعر، وتقدير للأدب، وإنصاف للتاريخ، ودفع للعار الذي حق علينا بتفريطنا في حق ذلك الشاعر، وفي حق الأجيال المقبلة!

لقد كان صبري رحمه الله بين معاصريه (أستاذ الشعراء وشيخهم) في الصناعة ومراعاة

<<  <  ج:
ص:  >  >>