محاضرة قيمة ألقاها الميجر كلوب قائد قوة البادية في شرق
الأردن بتاريخ ٢٥ تشرين ثاني سنة ١٩٣٦ في الجمعية
الأسيوية الملكية في لندن ونشرتها مجلة الجمعية في عدد يناير
سنة ١٩٣٧
تحمل كلمة الفروسية معاني مختلفة في إنكلترا وتوقظ في أذهان الكثيرين منا شعوراً مبهماً وانطباعاً خيالياً عن فرسان بأسلحتهم اللامعة وملابسهم الجميلة الجذابة، وقد نستعمل هذه الكلمة في كثير من الأحيان للدلالة على احترام المرأة، ولكن إذا ما رجعنا إلى الحقيقة وجدنا هذا الاتجاه في التفكير في الفروسية سطحيا وخيالياً لأن الفروسية نشأت وانتشرت كنظام خاص في الحياة عند بزوغ فجر المدينة. ولكي أوضح ما أقصد باستعمال كلمة الفروسية يجب أن أرجع بكم إلى العصور الخالية.
عندما كانت موارد الرزق تنحصر في الزراعة وتربية المواشي، وكان الإنسان في إنكلترا وأوربا على العموم يستطيع أن يجمع بين العملين معا لأن جو هذه البلاد الرطب كان يهيئ كثرة الكلأ وخصوبة المرعى، ولذلك كان بإمكان المزارع أن ينصرف إلى أعمال الحرث والحصاد، وفي نفس الوقت يقتني المواشي التي ترعى بالقرب من مزرعته لكثرة الأعشاب. ولكن تطبيق هذه الطريقة في تنظيم العمل كان متعذراً في القارات الأخرى وعلى الأخص آسيا وأفريقيا حيث تقل الأمطار وتعاني مساحات واسعة منها المحل والجفاف لقلة سقوط الأمطار وبطبيعة الحال تقل المراعي وتبعد المسافة بينها - ولذلك كان المزارع الذي لا يتمكن من ترك حقله غير واجد مرعى لأغنامه. وهكذا كان الجمع بين الزراعة والرعي غير ممكن. ولذلك بقى سكان تلك البلاد ألوف السنين منقسمين إلى قسمين متباينين الرعاة والمزارعين أو البدو والحضره وهكذا أوجدت طريقتا المعيشة بينها