إن إحدى نقائص الدين التقليدي هي فرديته، وهذه النقيصة ترجع أيضا إلى الأخلاق المقترنة، وكانت الحياة الدينية دائما بالتقليد حوارا بين الروح والله، فإن تطع إرادة الله، فذلك هو الصلاح. وكان ذلك في إمكان الفرد الذي يهمل حالة المجتمع تماما، وقد نشرت الفرق البروتستانتية فكرة (وجود المخلص) ولكنها كانت دائما موجودة في التعاليم المسيحية، وهذه الفردية في الروح المفارق كان لها قيمتها في مراحل معينة من التاريخ، ولكننا في العالم الحديث في حاجة إلى تصور اجتماعي للخير أكثر من التصور الفردي. وأود أن نرى - في هذا الفصل - كيف يؤثر هذا في تصورنا للحياة السعيدة.
ظهرت المسيحية في الإمبراطورية الرومانية بين شعوب مجردة من القوى السياسية، قد تحطمت حكومتها القومية وارتبطت بكتلة ضخمة فاقدة الشخصية، وفي أثناء القرون الثلاثة الأولى من العصر المسيحي، كان الأفراد الذين اعتنقوا المسيحية لا يستطيعون أن يغيروا النظم الاجتماعية والسياسية التي كانوا يعيشون في ظلالها على رغم أنهم كانوا مقتنعين تماما بفسادها. وأثناء هذه الظروف كان من الطبيعي أن يؤمنوا بالاعتقاد بأن الفرد من الممكن أن يكون كاملا في عالم غير كامل، وأن الحياة السعيدة ليس لها شأن بهذا العالم. وقد يتضح معانيه أكثر بالمقارنة بجمهورية أفلاطون؛ فحينما أراد أفلاطون أن يصف الحياة السعيدة، وصف المجتمع ككل لا كأفراد، وقد فعل ذلك ليحدد العدالة التي هي معنى اجتماعي جوهري، فقد كانت حقوق (الجمهورية) مألوفة لديه، وكانت المسؤولية السياسية عنده قضية مسلمة، وحينما فقد اليونان حريتهم إلى دور ظهور الرواقية، التي هي - كالمسيحية وليست كأفلاطون - في تصورها الفردي للحياة السعيدة.
ونحن الذين ننتمي إلى ديمقراطيات عظيمة، سنجد عند الآثينيين الأحرار أخلاقا أكثر