كانت ليلة الثلاثاء الماضي صفحة مجيدة في تاريخ الفرقة القومية، فقد احتفلت فيها بمولد صاحبة السمو الملكي الأميرة فوزية احتفالاً جديراً بمكانتها وكفايتها افتتحه مديرها الأستاذ خليل مطران بك بقصيدة عصماء أنشدها بين يدي المليك، ثم مثلت الفرقة رواية (عبيد الذهب) التي نقلها إلى العربية الأستاذ أحمد الصاوي محمد، فكانت الرواية ببراعة ترجمتها، وطرافة موضعها، ورشاقة أسلوبها، وقوة إخراجها، وحسن تمثيلها نظاماً متسقاً من الفن والجمال واللذة قلما شهدناه في ماضي الفرقة. والحقيقة التي أثبتها هذه الحفلة أن الفرقة إذا ساعدها الكتاب بالاختيار الموفق للموضوع، والترجمة الملائمة للرواية، ظهرت براعتها في الإخراج والتمثيل ظهوراً يجذب إليها هوى الجمهور، ويعقل عنها لسان النقد.
فقهاء ببزنطة
قرأت افتتاحية العدد ال ٣٥٢ للسنة الثامنة من مجلة الرسالة الغراء بعنوان (فقهاء بيزنطة) لحضرة رئيس التحرير الأستاذ الكبير السيد أحمد حسن الزيات. وقد أعجبني نقده رجال الدين لتشاغلهم بصغار الأمور عن معاليها التي جاء الإسلام بها؛ ووصفه الأستاذ بأنه (هو الذي وضع الدساتير الخالدة لسعادة الفرد والأسرة والأمة والإنسانية في كل زمان وفي كل مكان)؛ ولانصراف أهله عن حقيقته ومقصده، وقد لبسوه كما يلبس الفرو مقلوباً. ونقل العلامة أحمد فتحي باشا زغلول في مقدمة كتاب:(الإسلام خواطر وسوانح): أن السيد رشيد منشئ المنار قال في أمثال من ينتقدهم الأستاذ الزيات: (إن الجبر صار عندهم توحيداً، وإنكار الأسباب إيماناً، وترك الأعمال المفيدة توكلا، ومعرفة الحقائق كفراً أو إلحاداً، وإيذاء المخالف في المذهب ديناً، والجهل بالفنون والتسليم بالخرافات صلاحاً، واختبال العقل وسفاهة الرأي ولاية وعرفاناً، والذلة والمهانة تواضعاً، والخضوع للذل والاستسلام للضيم رضى وتسليما، والتقليد الأعمى لكل متقدم علماً وإيقاناً)
أعجبني نقد الأستاذ كما أعجبتني شكواه من الضعف النشء في معرفتهم الدينية التي يتلقفونها عمن هم حجب على محاسن الدين ومزاياه الحميدة، وقد شعر السيد الإمام كما شعر حضرة الأستاذ الجليل، حينما اختبر أمثال هؤلاء، وألقيت عليه أسئلة كالتي ألقيت