كان في فلورنسا منذ قريب سيدة إيطالية حسناء تدعى بريتولا، وقد اشتهرت هذه السيدة بين أهل بلدتها بمكرها ودهائها وسعة حيلتها، وكان ذكاؤها وفطنتها مثار دهشتهم، وموضع إعجابهم. ومما يؤسف له أنها كانت متزوجة من تاجر غني لا يفهم الحياة إلا من ناحيتها المادية، ولا يهتم بشيء قدر اهتمامه بما يجنيه من ربح ومنفعة من وراء تجارته! أما حاله مع زوجته فلم تكن حال الزوج الموافق المهتم! وهذا ما دعاها إلى النفور منه والميل غلى غيره
وقد أسعدها الحظ حينئذ برؤية شاب جميل كان دائم المرور أمام منزلها فأحبته حباً جماً وأصبح لا يهنأ لها بال أو يسعد لها حال ما لم تره مرة في كل يوم على الأقل!! وكان هذا الشاب - واسمه تنكريد - يجهل في مبدأ الأمر تعقلها به، وعنايتها بأمره، فلم يلتفت إليها ولم يهتم بها
وبالرغم من أن تجاهله لها كان يضايقها ويكدر عليها صفوها، فإنها كانت حريصة فلم تحاول الاتصال به عن طريق الاستفسار عنه أو إرساله الرسائل إليه خشية أن يلحظ أحد علاقتها به أو يكتشف سر حبها له؛ وهداها تفكيرها آخر الأمر إلى أن تلفت نظره إليها وتجتذب قلبه نحوها عن طريق قسيس ورع كان من أخلص رفقائه وأكثرهم له وفاء ومحبة
وبعد أن اختمرت هذه الفكرة في رأسها ذهبت إلى الكنيسة التي يقيم بها هذا القسيس وابتدرته بقولها:
- لقد جئت إليك يا سيدي أطلب معونتك في أمر مهم سأشرحه لك. ولعلك تذكر أنني أخبرتك في مرة سابقة عن أقاربي وزوجي الذي يحبني أكثر من حبه لحياته، والذي لم