الدكتور إبراهيم ناجي أديب وعالم ملحوظ المكانة، معروف في الأوساط الأدبية، مشهور بأحاديثه الطيبة، وحيويته الفياضة، وحسه الدقيق، يعرف فيه أصدقاؤه - وأنا منهم - سرعة في الفكر وفي الحركة وفي كل شئ
لم تقف حركة الدكتور ناجي عند حدود نظم الشعر، وتأليف القصة، وكتابة البحوث العلمية، وإلقاء المحاضرات، بل تناولت أيضاً فن الترجمة. وقد تعاون أخيراً مع الممثل الأديب فتوح نشاطي على ترجمة رواية (الجريمة والعقاب) لمؤلفها ديستويفسكي القصصي الروسي العظيم، فمثلتها الفرقة القومية وجعلتها (افتتاحية) لموسمها الثاني. وهاهو ذا يحدثنا عما لقيت روايته من رجال هذه الفرقة ويجيب على الأسئلة التي وجهتها إليه:
قلت له: الفرقة القومية مؤسسة ثقافية فهل حققت شيئاً من أغراض الثقافة؟ فأجاب:
(إنها تحاول يا سيدي، ويجب أن نعترف أنها تبذل ما تستطيع، ولكن الفكرة خطأ، والتوجيه خطأ، والمسرح الذي نراه مسرح قديم بال
أما خطأ الفكرة فلأن مدير الفرقة، مع احترامنا لأدبه وفضله، يصرح ويجاهر بأن المسرح إنما وجد لترقية اللغة، وما دامت هذه الفكرة أساساً للمنطق فقد انهار كل شئ ولا معنى للجدل
والفكرة خطأ أيضاً، وخطأ فاحش لأن قراء لجنة الروايات علماء لغة، وليس فيهم فرد يعرف شيئاً عن فن المسرح
والتوجيه خطأ، لأن التوجيه مبني على الفكرة، والتوجيه المسرحي عندنا أساسه إنشاء مسرح كلاسيكي على فكرة كلاسيكية، ولهذا حفل مسرحنا بأندروماك وأنتيجونا وعدنا إلى راسين وكورنيل وقد فرغ العالم منهما ونفض يده، وإليك المثل:
الجريمة والعقاب رواية شعبية كتبت للناس ولمخاطبة الناس، وهذه رسالة المسرح، وقد أرادت إدارة الفرقة من مترجمها أن يترك ترجمته بتاتاً ويعيد كتابتها بلغة من عنده أنيقة مجلجلة مدوية كأنه هو مؤلفها. فانظر بالله كيف تريد الفرقة القومية أن تعبث بدستويفسكي