وتسيء إلى دستويفسكي وتسيء إلى رسالة المسرح. كل ذلك في سبيل لغة كلاسيكية مجلجلة أولى بها حلقات الأدب لا المسرح الذي هو منبر يثقف ويعلم ويفيد
وإنه لما يبكي ويحزن أن تجد الممثل النابغ (؟) وقد فرضوا عليه لغة بائدة فصار يوجّه همه إلى إتقان المرفوع والمنصوب وقد نسى الفن وترك روعة التمثيل جاناً لأنه منصرف إلى ما ألقى بروعه في شأنه أنه أهم. وإنه لمن المحزن أيضاً أن تجد لجنة قراءة الروايات تجيز روايات ليس فيها من شيء إلا أنها كتبت بلغة عربية سليمة. وإنك لتستعرض كل الروايات التي نجحت في المباريات فتجدها لغة في لغة، وتجدها نماذج من الإنشاء، أما الفكرة فلا، أما الفن فلا، أما الكلام و (الدروشة) فنعم. وقد تجيز رواية لا لغة فيها ولا فكر ولا فن كرواية طبيب المعجزات. إليك المثل الثاني:
قُدمت رواية من هذا الطراز فأجازتها الفرقة فأعدت للتمثيل وكلف مترجم الفرقة أن ينقلها إلى الفرنسية ليتمكن المخرج الفرنسي من إخراجها، فرأيته بعيني رأسي يكاد يغمى عليه من الطنطنة والجلجلة والكلام المدوي كالطبل الأجوف، ويسأل ناقلها إليه: أحقيقة كل هذا موجود، كل هذا الكلام الطويل العريض، كل هذا اللفظ المكرر المعاد. لا وربي، إن هذه الرواية لا يمكن تمثيلها بحال؛ إن التمثيل تمثيل لا كلام، وكلمة دراما معناها نقل القول إلى الحركة، لا الحركة إلى القول، كل هذا عن رواية أجيزت وأعدت للتمثيل. وكم كم عند الفرقة مثلها من متراكم لا حصر له تجيزه الفرقة فلا يمثل ولا يصلح لشيء.
قلت: ما دمت ترى الأساس خطأ في إنشاء الفرقة فما رأيك في علاجها لتصبح مؤسسة تماشي النهضة الأدبية؟
فأجاب: يجب أولاً أن يتنازل مدير الفرقة فيعترف معنا بأن رسالة المسرح الجديد غير قائمة على اللغة، وليس من العار أن يجلس إلى رجل كالمسيو فلاندر أو إلى ممثل كجورج أبيض فيتحدث إلى أحدهما في رسالة المسرح. ويمكنه أن يسأل نجيب الريحاني وهو رجل يفهم هذه الرسالة على أتمها وقد سمعته بأذني يتمنى أن يرشد المهيمنين على الفرقة القومية إلى رسالة المسرح
الفكرة الثانية: يجب أن تبدل لجنة القراءة تماماً - مع احترامي لأعضائها وتقديري لعلمهم وأدبهم - أرى أنهم لا يصلحون بتاتاً إلى ما هم مكلفون به، ولو خيرت لجعلت لجنة