كتب الكثيرون عن السيرة النبوية الشريفة، ولا غرو فليس هناك منهل أعذب من السيرة ولا ميدان أوسع منها. بيد أن القليلين هم الذين رأوا في حياة الرسول (ص) إلهاماً، هؤلاء هم الفنانون، أولئك الذين بهرتهم حياة الرسول الكريم، فصوروا خلجات نفوسهم وخفقات قلوبهم بعد إذ أثرت فيهم السيرة تأثيراً عظيماً. ومن هؤلاء صديقنا الأستاذ جمال الدين الرمادي. فهل أني بجديد؟ نعم فقد (أعجبته مواقف رائعة من مواقف الرسول (ص) فانطلق ببراعة يصورها وطفق بريشته يحيطها بإطار يود أن يكون بفكرته وأسلوبه بهياً أنيقاً، ولكن مع هذا لا يحيد عن الحق ولا ينصرف عن التاريخ ما استطاع إلى ذلك سبيلاً!) هذا هو الدستور الذي سار عليه المؤلف في رسم روائعه الفنية.
وتقرأ الكتاب فلا تكاد تميز أسلوبه عن أسلوب عميد الأدب العربي. وهذا حق فقد أعجب صديقنا بمعالي الوزير وقلد أسلوبه حنى أصبح بحق: طه حسين الصغير. ويرد الجميل لصاحبه فيهدي باكورة إنتاجه إلى صاحب على هامش السيرة. ولكن كيف كان ذلك:
وضع الأستاذ نصب عينيه منذ الصغر أن الأدب منهل عذب يجب على الجميع أن يرشفوا من سلسبيله. فنشأ محباً للأدب العالي مغرماً بالشعر الرصين فإذا به ينظم الشعر حلواً رصيناً بالعربية والإنجليزية. وكان ذلك حينما بلغ خياله أعظم درجات خصوبته في مرحلة المراهقة. ولما أوتي من الأدب نصيباً موفوراً أخذ يغذي (البلاغ) بتحفة الأدبية كما لمع اسمه على صفحات المصري والأهرام والرسالة من هنا لا تأخذه نشوة الجرس الموسيقي الذي تبعث من وضعه البديع للنور الوليد:
(ابشري يا نفوس، وأفرحي يا قلوب، وغردي يا طيور، وأملاي الدنيا بحلو الأغاريد وعذب الترانيم، وحلقي بين الأجواء سكارى بذكر الواحد القهار وذكر الرسول المرتقب