رسم لنا المؤلف في كتابه إحدى وعشرين لوحة من وحي السيرة الشريفة تمثل فجر الإسلام: النور الوليد، الفتى الراعي، وانتشاره: سحر الإيمان، الزفاف الحزين، العزيز المفقود، وانتقال الرسول إلى الرفيق الأعلى: الفوز الراحل. صاغها في أسلوب عذب، وكفاه عذوبة أنه أسلوب طه حسين الصغير.
تأمل قوله في المخاطرة الكبرى:(وتنفس الصبح وأخذت الغزالة ترقي إلى عرشها النور في كبد السماء شيئاً فشيئاً، تسكب الأضواء الزواهر على الرمال الشقراء فترف كأنها شعور غادة فاتنة هيفاء، وتلتمع الحصباء كأنها سبيكة ذهب أو جذوة لهب. ويتبدى السبيل ساكناً صامتاً ويتراءى قبل العين واضحاً لا تبدو على أديمه إلا آثار خطى لا تلبث قبالة الغار أن تفور.)
ولقد طغى العصر الحديث بماديته على أعين الشباب فنأوا بجانبهم عن غذاء الروح. فما أحوجهم اليوم إلى مثل هذا الكتاب فيقظهم من ظلمات المادة ويردهم إلى نور الدين وبهجة الروح عليهم يجدون خلاصاً من قلقهم.
لذا فليس غريباً أن نغض الطرف عن الأخطاء المطبعية التي لا ندري كيف مرت رغم دقة مطبعة الاعتماد وفطنة ملاحظها الحريص، وإنا لنشارك صديقنا المؤلف أمله في مواصلة الكتابة في السيرة النبوية، وذلك المنبع الروحي يروي الظمآن في كل زمان ومكان