الشاعر الحق هو من ينظم في كل ما يوحي إليه ترجمة عواطفه، سواء كان ذلك عاقلاً أم جماداً.
ولقد يقتصر شاعر من الشعراء على غرض واحد من أغراض الشعر، ينظم فيه طبلة حياته، فيبلغ الذروة في هذا النمط الواحد وقد لا يستطيع أن ينظم في غرض آخر، ولكنك لن تستطيع إلا أن تعده شاعراً من أكابر الشعراء، وإن قصر في غير الناحية الواحدة.
وقد يحكم لشاعر بقصيدة واحدة!
وكثيرون من الشعراء ينظمون في مختلف الأغراض، ويعددون أنماط شعرهم ونظمهم، وقد يكونون رابع الشعراء الذين يقصدهم ابن رشيق في كتابه العمدة!
وقليلون من أجادوا في تلك النواحي والأغراض المختلفة. . .
ومن هذا النمط من الشعراء كان شاعرنا حافظ إبراهيم.
فلقد تعددت آفاقه في نظم الشعر، وأسهم في كل فن من فنونه، صادق القول، قوي التعبير، جميل الأداء، مرهف الإحساس، ومتدفق البيان.
ولم يكن حافظ شاعرا فحسب، ولكنه كان كاتبا أيضا، وإن لم يكن نثره في مرتبة شعره.
وهذه بعض آفاق حافظ التي حلق فيها شاعراً مرهفاً، وناثراً بليغاً.
١ - شاعر مصري:
كانت البيئة العربية التي نشأ فيها حافظ مليئة بما يؤز جوانب المخلصين من أبناء البلد ويقض مضاجعهم، فقد كان الانحطاط سائداً في كل ناحية من نواحيها.
فالجهل يخيم على الشعب كله تقريباً.
والاحتلال البغيض يقيد الشعب ورائديه، ويكم أفواه هؤلاء، ويلقي بهم في غيابات السجون.
وهنا ظهر حافظ.
ظهر حافظ فكان لسان الشعب الناطق، يصف شعور الجمهور ويذكيه، وأن يشعر أن لسانه