قيل أن الصداقة كالخمر يزيدها القدم عتقاً إلى عتق، وهذا هو حالي مع أصدقائي في العراق، فما يمر أسبوع بلا بريد يصل من هناك، فأعرف به أخباراً تزيد شوقي إلى إخوان الصفاء، أو تسوق حزناً يعذب الفؤاد، كالذي وقع حين قرأت نعي السيد صالح البدري في جريدة الزمان، رحمه الله وألهم أهله روح الصبر الجميل
هل يعرف الصديق الذي رثى هذا الأديب بكلمة. موجزة في جريدة الزمان أني كنت أحب أن يذكر ترجمة حياته بإطناب؟
لقد سألت آحاداً من العراقيين المقيمين بالقاهرة عن السيد صالح البدري فلم يعرفوه، فأدركت من جديد أن الآذان لا تسمع غير الصوت الضجاج، وقد تفوتها عذوبة الرنين اللطيف
الصلة بيني وبين السيد صالح البدري لم تزد عن تفضله بتشطير قصيدة بغداد، وهي في نظري أقوى الصلات، لأن مجاراة الشاعر للشاعر مساجلة بين روح وروح، فمن واجبي أن أودعه بكلمة ثناء، لا كلمة رثاء، لأن أومن بأن الفكر لا يموت
وهناك أخبار من العراق تمثلها الرسائل الواردة من بغداد والكرخ والبصرة والحلة والموصل والنجف، هي أخبار تشرح الصدر، لأنها تصور وفاء القلوب في تلك البلاد
وهناك رسائل طويت عني، بعد أن كتبت مرة ومرتين ومرات، لأزداد عذاباً إلى عذاب
سنلتقي يا غاضبين ولو بعد حين، وستذوقون ثمرات التجني طائعين أو كارهين
إن الرسائل وصلت، الرسائل التي طويتموها بعد أن كتبتموها، وسأقرأها عليكم يوم التلاقي، وهو بإذن الله قريب
وأنا أيضاً كتبت إليكم رسائل وطويتها عن عمد، فهل وصل إليكم منه شيء؟ بريد القلب هو البريد، ولكني أين من يعرف تناجي القلوب على بعد الديار؟
هل عندكم نية لحضور المؤتمر الطبي في العيد المقبل؟
سأشترك في هذا المؤتمر، وسأصنع مثل الذي صنعت منذ أعوام، فأنتظر في محطة باب الحديد إلى الساعة الثالثة بعد منتصف الليل ومعي الأستاذ عبده حسن الزيات راجياً أن