للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[نسيبة]

للأستاذ إبراهيم مصطفى

المدرس بكلية الآداب

سيدة من بني الخزرج من أهل يثرب، ولم يكونوا إذ ذاك سموا أنصاراً ولا كان الرسول هاجر إليهم، ولكن حديثه كان يملأ الجزيرة ودعوته تشغل العرب وقرانه يبث بينهم ويتلى، كما كانت الأشعار تنشد وتروى.

وكان أهل المدينة أشد عناية بهذه الدعوة وأحفى سؤالا عنها. فهم أصهار قريش وشركاؤهم في التجارة وحفظة طريقهم إلى الشام وبينهم اليهود أهل الكتاب ورواة المأثور ومجمع الأخبار

وجلست نسيبة في مساء إلى زوجها وولدها يتحدثون في أمر محمد وأنباء دعوته وما حدث في قرآنه، وتلى تال (الر تلك آيات الكتاب الحكيم. أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم، قال الكافرون إن هذا لساحر مبين) وآيات أخرى من كتاب محمد. وعجبت نسيبة للكافرين أن ينكروا على رجل منهم أوحي إليه أن يهديهم وأن يبشرهم وينذرهم، وتساءلت بهذا السحر المبين أين يكون؟ وما هي إلا الدعوة الصالحة والحق الواضح والبيان الجميل. لشد ما ظلم الرسول قومه وبئسما افتروا عليه. واشتاق القوم أن يروا محمداً وأن يستمعوا إلى حديثه ويستزيدوا من قرانه.

وما جاء ميقات الحج حتى كانت القافلة تسير من يثرب إلى مكة في نحو خمسمائة حاج أكثرهم الرجال وقل فيهم النساء ومن بينهم نسيبة. وهاقد أدرك الركب في مكة وتوافى إليها الحجيج من كل فج واستقرت القبائل في منازلها والرسول يسعى إليهم يعرض عليهم دينه ويبين رسالته ويتلو قرانه بل يعرض نفسه أيضاً، لقد ضاق به المقام في مكة ونبا وآذاه أهله في نفسه وفيمن من آمن به، وبالغوا في الإيذاء والتنكيل حتى عاد بينهم كالعاني الأسير أو أنكد. وما يبغي الرسول؟ إنما يريد من العرب قوماً يسعونه حتى يؤدي رسالته، ويحمونه حتى يبين حجته، ثم يدعون من آمن لإيمانه ومن كفر لكفره. وما من قبيلة رضيت هذا أو انشرحت له صدراً إلا جماعة من أهل يثرب واعدهم الرسول إذا انحدروا

<<  <  ج:
ص:  >  >>