للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ابن الهائم المصري المقدسي]

للأستاذ قدري حافظ طوقان

كنت في القدس مع بعض الإخوان في زيارة المعرض العربي الثاني، وبينما نحن على مقربة من مقبرة مأمن الله سمعت أحدهم يقول: ان هذه المقبرة تضم عدداً كبيراً من فحول العلماء، وكبار الفقهاء ورجال الدين، ممن ظهروا في أيام الحروب الصليبية وقبلها. وقد سرد بعضهم أسماء بعض هؤلاء العلماء فلم يلفت نظري إلا اسم ابن الهائم، إذ تذكرت ان هذا الاسم مرّ بي أثناء مطالعتي لبعض الكتب الإنكليزية التي تبحث في تاريخ الرياضيات، وأصبح لديّ رغبة شديدة في الكتابة عنه. رجعت إلى مكتبتي لأبحث عنه فوجدت إن ابن الهائم من الذين لم يعطوا حقهم من البحث والاستقصاء، وحياته لا تزال غامضة في تاريخ المدنية الإسلامية، وهي في أشد الحاجة إلى من يتعهد جلاءها، ويقضي على غموضها. بحثت في الكتب الصفراء وغير الصفراء، قديمها وحديثها، من عربية وتركية وإنكليزية فلم أجد إلا جملاً هنا وهناك متناثرة لا يفهم منها إلا تاريخ الولادة والوفاة، وأشياء أخرى من الصعب جمعها وتكوين جملة تفي بالغرض وتشفي غلة الباحث المنقب. على كلٍّ، وبعد بحث في كتب متنوعة أمكننا أن نحصل على ترجمة متواضعة لهذا العالم من ناحية مآثره في العلوم الرياضية آملين أن نوفق في المستقبل للكتابة عنه بصورة أوسع وأوفى للمرام.

ولنرجع إلى صاحب الترجمة فنقول إن اسمه هو: شرف الدين أبو العباس (احمد بن محمد عماد) ابن الهائم المصري المقدسي، وقد اكتسب نسبته إلى مصر من ولادته فيها، وكان ذلك في المنتصف الثاني من القرن الرابع عشر للميلاد حوالي سنة ١٣٥٢م - ٧٥٣هـ أو ٧٥٦هـ، وعرف بالمقدسي لاشتغاله في القدس ووفاته فيها. وكانت الوفاة في أوائل القرن الخامس عشر للميلاد حوالي سنة ١٤١٢م - ٨١٥هـ. وقد وجدت ثلاثة تواريخ وفاة لصاحب الترجمة في كتاب كشف الظنون في أسامي الكتب والفنون، ففي ص ٤١٨ من الجزء الأول يقول إن ابن الهائم توفى في سنة ٩٨٧هـ، وفي الجزء الثاني في ص ٣٦٢ نجد أن الوفاة كانت في سنة ٣٨٧هـ، وفي ص ٤١٧ من الجزء نفسه نجد ان تاريخ الوفاة كان في ٨١٥هـ. بينما المصادر الإفرنجية ككتاب تاريخ الرياضيات لسمث، والتركية ككتاب آثار باقية، وبعض العربية ككتاب الأنس الجليل كل هذه تقول وتتفق على أن الوفاة

<<  <  ج:
ص:  >  >>