لا شيء، لا شيء، غير أن الأقدار أرادت أن تسخر فلم تجد غيري لتسخر منه، أو أنها أرادت أن تمثل مأساة ساخرة فلم تجد غير قلبي مسرحا يصلح للتمثيل!!
لا شيء غير ذلك؛ وإذا لم تصدقني فأستمع قصتي. . .
كانت أواصر القرابة الوثيقة هي التي تجعلني أتردد على منزل (فتحية)، وكانت نفحات جمالها الساحر هي التي تجعلني أكثر من هذا التردد. . ولم يكن جمالها وحده هو سر تلك الجاذبية التي تنفرد بها عن سائر الفتيات، والتي تجعلها أملاً حلواً يخطر في قلوب الشباب. . . ولكن شيئا آخر هو الذي جعلها كذلك. . . شيئا آخر يتمثل في عذوبة الروح وخفة الظل ورشاقة التكوين لم أكن ألقاها حتى أشعر بأن في عينيها بحيرة هادئة ضل فيها زورق السعادة، فهو لا يفتأ يروح ويجيء ى يعثر على الشاطئ المنشود. . . أما ثغرها الحلو الفاتن فكأنما عشقته البسمات فهي لا تزال تعانقه في شغف ملح دائم. . .
وكان يكفي إن تتكلم حتى تود أن تستحيل كل جوارحك إلى آذان مرهفة كي تسمع كل ما تقول من كلمات!! كلما ما كان أبرعها في ابتعاث الضحكات من الشفاء، وما كان أروعها حين تتناول بالتعليق شخصية من الشخصيات أو حادثة من الحوادث. . .
لا أظنك تدهش إذن حين تعرف أنني كنت دائما أحرص على أن ألقاها مفتعلاً لذلك أوهن الأسباب. . . وأنني كنت أتعمد أن أطيل معها الحديث وأن أظهر لها من ضروب الاهتمام وألوان الود ما جعلها تأنس بي وترتاح لرؤيتي وتغرقني معها في فيض ذاخر من المسرة والإمتاع.
ولكنك سوف تدهش من غير شك حين أؤكد لك أنني لم أكن أحبها. . . أجل يا صديقي لم أكن أحمل لها ذلك الشعور النبيل الجميل الذي يسمونه الحب. . . هذا الحب الذي كان يجب أن يبعثر كلماتي حين أتحدث إليها، وأن يشرد نظراتي حين أتحدث عنها، وأن يحيل حياتي إلى إطار جميل لا يبرر إلا صورتها الفاتنة هذا الحب يا صديقي لم أكن أكنه لها. هذه هي الحقيقة التي يسهل عليك وحدك أن تتصورها. تعرف يا صديقي أن قلبي لا يهتز