نحن اليوم في معركة مع الاستعمار، قد اندلعت نارها، وطار في كل أرض الإسلام شرارها، فهل رأيت جيشاً في معركة يدع مدافعه فلا يطلقها، وينسى دباباته فلا يسيرها، ويلقي بنادقه فلا يحملها؟ هذا ما نفعله نحن نهمل أقلامنا فلا نسخرها في هذا النضال، وان من أمضى أسلحتنا وأنفذها وأبقاها على الزمان وأثبتها للغير، لهذه الأقلام. . . فما لهذه الأقلام نائمة لا تفيق، جامدة لا تتحرك؟ وما لبعضها لا يزال يلهو ويلعب، كأنه مدفع العيد يتفجر بالبارود الكاذب وسط المعمعة المدلهمة التي جن فيها الموت؟!
إنها معركة الاستعمار: استعمار البلاد بالجيوش، والأسواق بالشركات، والرؤوس بالمذاهب، والقلوب بالشهوات، فجنود العدو تخطر على أرضنا، وشركاته تتحكم في أسواقنا، ومذاهبه الخبيثة تملأ رؤوسنا، وتقليده في إباحته وشهوته وسفوره حسوره، وتكشفه في نسائه وأدبه يفسد قلوبنا. . . فأين تلك الأقلام تنبه القوم النيام، وتطهر الرؤوس والقلوب، وتحمل نور الحق لتبدد به ظلمة الباطل؟!
أين تلك الأقلام تعرّف هذا الشعب بنفسه، وتتلو عليه أمجاد أمسه، وتذكره أنه لم يخلق ليذل ويخنع، وإنما خلق ليعز ويحكم، وان الله ما برأه من طينة العبيد، بل سواه من جذم الصيد الأماجيد وأنه أثبت من هؤلاء المستعمرين. . . أصلاً في الأرض، وأعلى فرعاً في السماء، وأكرم نفساً، وأشرف عنصراً، وأنقى جوهراً، وإنها إذا أفقرت الأيام الغنى، وأذلت العزيز؛ فأن الفلك دوار، والأيام دولاب، فلا يغتر الفقير بالغنى الحادث، ولا يأس الغني على اليسار الذاهب، فإن كل شيء يعود إلى أصله، وإن كل حال إلى زوال. . .!
أين الفوهرر الذي نطح النجم كبرياء؟ وأين الدوتشي؟ فاعتبروا يا فهاررة اليوم. . . فما أنتم بأمنع من الموت وما أنتم بأعصى على القدر، وان لهذا الكون دياناً جباراً ما شاركه أحد كبريائه إلا قصمه. . . وما أنتم حتى تشاركوا الجبار كبريائه؟!
وأين تلك الأقلام تفهم الشعب أن المستعمرين ما زهدوه في قرآنه، وصرفوه عن دينه، وشغلوه عن تاريخه، إلا ليلبسوه أحد أسلحته، ويجردوه من أمتن أدراعه، حتى إذا قابلوه أعزل عارياً، هان عليهم اصطياده، وسهل استعباده، فكان إليهم قياده! وإنه آن لنا أن ننتبه