منذ نيف وثلاث سنوات حضرت امتحانات العام الدراسي الأول لدرجة (الأستاذية) الأزهرية، وأبديت على صفحات الرسالة الغراء عدة ملاحظات عنت لي بشأن المحاضرات والرسائل التي اشتملت عليها تلك الامتحانات. ولما كنت قد قضيت معظم المدة المنصرمة بعيداً عن البلاد في مهمة تعليمية بالعراق عدت منها أخيراً، فقد بدا لي أن أحضر بعض امتحانات هذا العام لأقف على مدى تطور هذه الدراسة الجديدة في الأزهر بعدما سلخت امتحاناتها أربعة أعوام
ويسرني أن أبدا اليوم ملاحظاتي بتسجيل بعض خطوات التقدم في النواحي التي كنت قد تناولتها بالنقد في كلمتي الأولى.
فمن ناحية الشكل أخذت إدارة الكليات الأزهرية بطرف من النظم الحديثة المتبعة في مناقشات الرسائل، فأعدت مدرجات خاصة لهذه المناقشات بعدما كانت تجري في غرف ذات مقاعد منبسطة. وأصبح النظام الحاضر يقضي بأن يقدم للمناقشات بعرض موجز يلم فيه صاحب الرسالة بعناصر البحث الذي تشتمل عليه رسالته. فيتيح بذلك لجمهور المستمعين من الطلاب وغيرهم متابعة هذه المناقشات والإفادة منها. كذلك أخذ معظم حضرات أعضاء اللجان بالتقليد الجامعي الجميل، الذي يقضي بأن يبدءوا ملاحظاتهم على الرسائل بالتنويه بما يستحق التنويه من مواطن الإجادة فيها مما ينطوي على تشجيع نافع لأصحابها، ومكافأة أدبية لهم على ما بذلوا من جهد، وحفز لهم غيرهم
ومن ناحية الموضوع لمست تقدماً محسوساً لمستوى الطلاب العلمي تجلى في عرض الرسائل والمناقشات التي دارت حولها مما يدل على ارتقاء وسائل هذه الدراسات في فروعها المختلفة
على أنني حين أبادر إلى تسجيل بوادر التقدم الآنفة الذكر مقدراً للمشرفين على هذا النوع من الدراسة جهودهم التي أبلغته هذا المبلغ من النهوض على حداثة عهد الأزهر به - لا يسعني مع ذلك أن أغفل التنبيه إلى ما لا يزال بارزاً من مواطن القصور والتقصير