نشرت الرسالة بالعدد رقم ٩١٠ نقداً لي عن مسرحية (ابن جلا) وبالعدد ٩١١ تصدي للتعقيب على هذا النقد الأستاذان إسماعيل رسلان، وعبد الفتاح البارودي. . وقد أختار الأستاذان، أن يتعديا الناحية الموضوعية للنقد إلى التعريض بشخص الناقد، لأسباب لا داعي للتعرض لها، حتى لا أجعل من هذه المجلة التي تحمل رسالة الفن والثقافة ميداناً لشيء من هذا القبيل.
وأحب أن أقول للمعقبين، ولمن يعنيه أمرهما، وأمر فرقة المسرح الحديث إن النقد كما يفهمه المحبون للفن، المخلصون له، لا يعني الهدم. وإن الشخص الذي يضيق بالنقد، ولا يريد أن يفيد منه، قد يكون غير مهيأ بتركيبه السيكولوجي للنجاح الذي ننشده للمسرح المصري في عهده الجديد. . وليس إخفاء النقص بوسائل مفتعلة يعني أن النقص غير موجود، كما أن السعي إلى طلب الثناء بأي ثمن لن يكون وسيلة لإنشاء مسرح صحيح.
وباستعراض آراء المعقبين، نرى أنهما قد التقيا في بعضهما، وتعارضا في البعض الآخر فكان مما التقيا فيه، تفسيرهما للمسرحية التاريخية وحق المؤلف في خلق الشخصيات في المسرحية التاريخية. فبدأ الأستاذ البارودي تعقيبه بعرض طويل لآراء النقاد في المسرحية التاريخية، وانتهى بأن قرر بأن نقاد المسرح قد أجمعوا على أن طبيعة حوادث التاريخ تغاير طبيعة الموضوع المسرحي. وبهذه النتيجة انتهى الأستاذ إلى الرأي الذي استندت أنا إليه، وطبقته على المسرحية. وهو مع هذا يخطئ تطبيقي لهذا الرأي، ولا يحاول أن يبين الأساس الذي استند إليه في هذا الحكم وهما يريان معاً، ألا محل لمؤاخذة المؤلف على خلق شخصية الاهوازية. وأحب أن أقرر أولاً أنه ما دامت هناك شخصية حقيقية تستطيع أن تؤدي نفس الغرض الذي يقصد إليه المؤلف فلا محل لخلق شخصية خيالية. وهذه الشخصية الحقيقية كما سبق أن بينت هي شخصية هند بنت أسماء. ولا محل لاعتراض الأستاذ رسلان بأن هند بنت أسماء لا تحتل من حياة الحجاج سوى سنة واحدة، وكأنه فرض على المؤلف أن يصور حياة الحجاج مدى ربع قرن.