أمّا مطالبتنا بأن تكون شخصية الأهوازية ذات واقع تاريخي. فلا يعني مطلقاً أننا نحرم خلق شخصيات لم يرد ذكرها في التاريخ، وإنما نعني - كما يفهم كل مشتغل بالنقد الفني - أن يصدق خيالنا في خلق الشخصية حتى يجعلها واقعية الصورة، فلا تبدو شاذة في الحياة التاريخية الواقعية التي تعرضها المسرحية. فقد بدت الأهوازية في صورة مغامرة من طراز رعاة البقر، فأهدر المؤلف بذلك حق الحياة العربية في ذلك الزمن الذي لم يشهد هذا النوع من النساء المغامرات. وأهدر أيضاً تصوير الواقع النفسي لشخصية الحجاج فلم تكن الأهوازية في موقفها منه في جميع مشاهد المسرحية، موضوعاً لعاطفة أو وسيلة لتحقيق مطمح من مطمحه العريضة. وقد اقتصر دورها في المسرحية على خلق الحركة بطريقة (بهلوانية). . وعلى نحو ما قصدناه سار برناردشو وأمثاله في خلق الشخصيات المتخيلة في المسرحيات التاريخية. ولعل الأستاذ البارودي قد فهم برناردشو على غير ما يفهمه الناس.
وقد التقى المعقبان أيضاً في فهمهما للصراع المسرحي فقال الأستاذ رسلان إنه يخيل إليه أني أرى أن المسرحية يجب أن تصور الصراع العاطفي. وقال الأستاذ البارودي، إن الصراع لا يكون حتماً بين شخصيتي البطلين. وأسأله أي صراع في هذه المسرحية غير ما بين الأهوازية والحجاج؟. . أما باقي المسرحية فمشاهد لم تصور دراماتيكا ووقف عند حد الحكاية وعرض النتيجة. فهلا كان الأجدر بالمعقب أن يهرب من تقديم مبادئ تسئ إلى المسرحية التي يدافع عنها؟. .
وقد اتفقا أيضاً في الرد على ما أخذته على المسرحية من تكرار في المواقف العاطفية، فاعتبر أحدهما أن ما أعده عيباً هو أسمى ما يصل إليه المؤلف المسرحي من تصوير الشخصية المتماسكة المطردة. وقال المعقب الآخر إن كبار المؤلفين كثيراً ما لجئوا إلى ما يشبه التكرار إما بالمعارضة أو المطابقة. ويؤسفني أن أحتاج إلى القول بأن المعارضة أو المطابقة إنما تأتي للتلوين وعرض جوانب مختلفة من الشخصية. بعكس ما رأيناه من إعطاء اللون الواحد في مواقف متعددة، وهذا هو التكرار الممل.
هذا، ويناقض الأستاذ رسلان نفسه، فيقول إن المؤلف قد أصاب إذ خلق شخصية الأهوازية لتسد الفجوة العاطفية التي أهملها مؤرخو العرب. ثم يعود في موضع آخر فيقول إنه (لو