[من لواعج الذكرى]
للأستاذ محمد كامل حته
أبى! كيفَ ماتَتْ مَعَاِني الرثاءْ ... عَلَى شَفتيَّ وَغُصَّ القلمْ!
وكيفَ احتواِني ذهولُ الفناءْ ... عَشَيَّةَ غُيِّبْتَ بَينَ الرِّممْ. . .
وأينَ الدموعُ، وأينَ البكاءْ ... يموجُ على شاطِئَيِه الألََمْ!
وأينَ الرثاءُ يَهُزُّ السماءْ ... وَيُدْمِى الجفونَ وُيذكِى الضَّرَمْ
تَأَبَّتْ عَلَيَّ فنونُ العزاءْ ... وَجَارَتْ عَلَيَّ همومُ العدمْ
فأَعْوَزَني يومَ مِتَّ الوَفاءْ ... وما أنا في الناسِ بالمنَّهَمْ
كأني وقد حُمَّ فيكَ القضاءْ ... ذبيحٌ تَحَشْرَجَ فيهِ النغمْ!
تُرَى كيفَ مَرَّتْ عليَّ الشهورْ ... وكيف انقضَى العامُ والآخَرْ
وكيف احتوانِيَ صَمْتُ القبورْ ... وأخرسني وَحْيُهَا الساخرُ!
وبي لوعةٌ من عذابِ السعيرْ ... تَلَظَّى بها القلبُ والخاطرُ
وما في بَيَاني وَنًي أو قُصُورْ ... ولي منْطقِي المسعفُ الهادرُ
لقد خدَعَتْني المنَى وهي زُورْ ... وغَرَّرَ بي الأملُ الغادرُ
فأقسمتُ: ساقي الردَى لن يدورْ ... على مهجتي كأسُهُ الدائرُ
فدارَتْ بيَ الكأس ظَمأَى تفورْ ... وَغُولُ الردَى مُطْبِقُ كاشِرُ!
هُوَ الموتُ قدْ رَوَّعَتْنِي رُؤاهْ ... فذابَ جَنَانِيَ في قَبْضَتِهْ
وَأَعْوَلَ فِي دُنْيَيَاتِي صَدَاهْ ... وَغَامَتْ حَيَاتي على صَفْحَتِهْ
فلمَّا تَقَشَعَ عَنِّي دُجَاهْ ... تَلَفَّتُّ، وَالقلبُ في غَشْيَتِهْ
فأَلَفيتُنِي فِي خِضَمِّ الحيَاهْ ... مَهِيضَ الشراعِ على لُجَّتِهْ
وَحِيدًا تُرَوِّعُهُ فِي سُرَاهْ ... هُمومٌ تَفَزَّعُ مِنْ وَحْشَتِهْ!
وَأَيْنَ العزاءُ، وكيف النجاةْ؟ ... سؤالٌ يُدَمْدِمُ في وَحْدَتِهْ
وأين أَبي؟ في جِوَارِ الإلهْ ... يُلقَّى الكرامة في جَنَّتِهْ!
إلى البدر. . .
للأديب محمد عبد السلام كفافي