في الثامن من نوفمبر الماضي سقط نادر شاه ملك أفغانستان السابق قتيلاً برصاص طالب أفغاني في احدى حدائق كابول اثناء حفلة رياضية كان يشهدها الملك القتيل، فخسرت أفغانستان بذهابه أميراً قوياً حازماً لبث مدى أربعة أعوام يشرف على مضايرها ويعمل لتنظيم شئونها وتوطيد سلامها في ظروف عصيبة.
وكانت أفغانستان قبل أن يتبوأ عرشها نادر خان قد اضطرمت باحدى هذه الثورات القومية التي يتميز بها تاريخا منذ أواخر القرن الماضي، والتي تدفع بها دائماً إلى فترة من الفوضى الخطرة، وتجعل من عرشها مثار معارك طاحنة بين الزعماء والمتغلبين، ومن استقلالها هدفاً تعلم السياسة الاجنبية ما استطاعت للنيل منه؛ وكان عرشها بعد أن غادره الملك السابق أمان الله في صيف سنة ١٩٢٩ فراراً من نقمة شعبه قد تداوله اثنان في بضعة أشهر، أولهما عناية الله أخو أمان الله الأكبر، والثاني حبيب الله أو باشا سقا، الزعيم الثائر: وكانت أفغانستان تمزقها الحرب الاهلية حينما جاء اليها نادر خان وزير الحربية السابق في أواخر سنة ١٩٢٩ من مقامه في أوربا، وانتزع كابول من يد الثائر وقبض عليه وأعدمه، ثم نادى بنفسه ملكاً، واستطاع في أشهر قلائل أن يقمع الفوضى وأن يعيد إلى أفغانستان نوعاً من السكينة والاستقرار.
ولم يكن مقتل نادر شاه (نادر خان) مفاجأة ولا حادثاً غير عادي في تاريخ أفغانستان الحديث؛ فعرش أفغانستان يرتجف دائماً فوق بركان من المنافسة الدموية؛ وقد قتل في الفترة الأخيرة من ملوك أفغانسان عدة، أولهم حبيب الله خان الذي قتل سنة ١٩١٩. ولو لم يبادر الملك السابق أمان الله بالفرار لكان نصيبه هذا المصير الدموي. بيد أن هذا العرش الخطر ما فتئ يغري زعماء القبائل والاسر الأفغانية؛ وتخشى أن تعود هذه المعركة الخالدة على العرش فتضطرم غير بعيد في أفغانسات، وان كان الامير الفتى ظاهر شاه ولد نادر شاه قد جلس على العرش غداة مقتل أبيه، واتخذت في الحال كل أهبة لاخماد كل نزعة للخروج والثورة. فقد كان نادر شاه يحكم أفغانستان مدة الأعوام الاربعة الماضية بقوة