للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

في الأدب الإيطالي الحديث

الرواية في بونتاسياف!

للكاتب الإيطالي لوسيو دامبرا

شرع (مارك) يبتعد، وهو ممسك بذراعي:

- وهي؟. . . . هي؟. . . . . آه! ليتني أستطيع مشاهدتها! ليتني أستطيع ذلك!. . . . إنها لا شك مسرورة الآن كل السرور بل هي الآن فخورة بهذا الانتصار الذي هو انتصارها!!!

ولكن أنى لي مشاهدتها أثناء التمثيل، والظلام يغشى القاعة كلها؟. . . خير لنا أن ننتظرها على بضع خطوات من منزلها. . . وانتظرنا. . . . . انتظرنا أكثر من ساعة، وإذا الستار ينزل بين إعصار شديد من الهتاف والتصفيق، فتسابق أصدقاء (سيريني) إليه، ليؤكدوا له نجاحه، وليقودوه إلى المسرح، لتحية الجماهير، ولكنه أبى أن ينزل على رغبتهم، لم يتحرك، بل لبث يحدق في تلك النافذة، شاحباً كئيباً!!!

أخذت الجماهير تتدفق، وقصدت جموعها تلك القهوة الحقيرة، التي ربحت في تلك الليلة ما لا يصدق؛ وبعد ساعة من الزمن، طفقت ترفض زرافاتها شيئاً فشيئاً، فأوى من أسعدهم الحظ باستئجار غرف في (بونتاسياف) إلى مضاجعهم، وانطلقت سيارات القسم الآخر تعدو وتتسابق، فلم تلبث القهوة أن أقفلت أبوابها، ولم يبق أحد مستيقظا، غير جماعة النقاد المسرحيين، الذين كانوا يتهافتون على دائرة البرق، ليبرقوا إلى صحفهم بهذا الانتصار، وبآرائهم فيه.

أما (سيريني) فأنه لبث واقفاً يحدق في تلك النافذة، ولا يرفع بصره إلا عنها، وقد كانت تلوح على وجهه إمارات الكآبة والحزن:

- طالع منكود!!!. . . أنا الذي لم يرغب في هذا الانتصار إلا لأتمتع برؤيتها عن طريقه. . .

ماذا كنا ننتظر بعد تلك الساعة؟ ليس من شك أنها عادت إلى دارها من حيث لم تقع أبصارنا عليها. . . ليس من شك أنها عادت، ومن وقت غير يسير؛ وأنا كذلك، وإذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>