وهكذا حتى تتصل الحركة إلى الجناحين، فإذا حركت رجلاك الجير الأكبر مرتين في الثانية، حرك هذا الأصغر منه أربع مرات، وحرك هذا الذي يليه وهو اصغر منه أضعاف هذه المرات، فلا تصل هذه الحركات إلى الجناحين وهما خفيفان جدا حتى يتحركا بما هو بما بين الثلاث عشرة والعشرين من الضربات. ولكن يجب أن يضرب الجناح في اتجاه رأسي وهو نازل فإذا صعد صعد في زاوية، وبهذه الطريقة يقدر المرء أن يسير في الهواء في سطح أفقي واحد، إلا إذا واجه تيارات هوائية فهذه ترفعه. أما الآلة فلن يزيد وزنها عن مائتين وعشرين رطلا والقوة اللازمة للطيران بها على الصورة المذكورة تبلغ ثمن حصان وهي القوة التي ينفقها العامل الذي يشتغل بجسمه كل يوم في عمله. وفي استطاعتك إذا أردت أن تقتصد في من قوة بدنك أن تستخدم محركا صغيرا لا يزيد حجمه كثيرا على حجم رأسك، وعندئذ تستطيع أن تسير أسرع من ذي قبل، وان تصعد في الجو إذا أردت، وتفرغ لتوجيه الآلة، وللبحث عن تيارات الهواء والاستفادة منها، وللمتعة الكبيرة بما يمر تحتك من أشباح الجوامد والأحياء.
وفي استطاعتك إن خشيت وقوف المحرك لخلل ما أن تحمل معك دسقطا من الدساقط المعهودة تقيك الهبوط السريع فالتهشيم، أما مادام المحرك يعمل والجناحان يضربان بالصورة التي كشفها الأستاذ من الطيور بالكمرة السريعة فلا خوف عليك ولا أذى فالصعود في الجو كالصعود في الجبل. ففي الجبل تستعين بعصا تقاوم فيها فعل الجاذبية الأرضية، وفي الهواء عصاك جناحاك تمسك بهما الهواء وتتشبث به كما تمسك بعصاك حجر الجبل، وللهواء جسم كما للجبل جسم وهو جامد بمعنى كما الجبل جامد، ولو كان لنا حس أدق من حسنا وعين أبصر من عيننا لأحسسنا جمود الهواء كما يحسه الطير.