من علامات الساعة أن يتشجع اليهودي فيحمل سلاحاً ويشهد حرباً ويحرز نصراً ويحتل مدينة!
ومن علامات الساعة أن يخرج اليهودي من البنك إلى الثكنة، ومن الدكان إلى الميدان، ليحارب العرب على فلسطين، ويثأر لإفرنج من صلاح الدين!!
ومن علامات الساعة أن يكون لليهود جيش ينتصر على العرب في حيفا، وعلم يرفرف على المسجد في يافا، ودولة تريد أن تقوم في القدس!!
كذلك من علامات الساعة أن ينهزم العربي أمام اليهودي ولو ظاهرته مادية الأمريكان وخديعة الإنجليز وشيوعية الروس؛ فإن الثعلب يحسبه أن يشم ريح الأسد من بعيد ليجحر، وإن الفأر يحسبه أن يبصر الهر من فوق الجدار ليسقط!
يا لله ماذا نرى؟ نرى الألوف من نساء العرب وأطفال العرب يخرجون من ديارهم مشردين في البر والبحر؛ يلتمسون في الشام المأوى، ويطلبون في مصر الأمن، وأهلوهم مصر عون ثرى الوطن الحبيب السليب بعد أن قذفوا في صدر العدو آخر رصاصة، ودفعوا غائلة الجوع بآخر كسرة، وافتدوا وطن الآباء بآخر رمق!
يا لله ماذا تسمع؟ نسمع أن تل أبيب تحكم يافا، وأن راية صهيون تخفق على مسجد (حسن بك)، وأن بني إسرائيل يذبحون الأبناء ويستحيون النساء في دير ياسين!
لقد سمعنا أن اليهود يحتلون البلاد بالنساء والذهب، ولكننا لم نسمع قبل اليوم أنهم يحتلونها بالرجال والحديد!!
ماذا جرى حتى استجملت الناقة يا يهود، وماذا جرى حتى استنوق الجمل يا عرب؟! جرى أن اليهود يعملون ونحن نقول، ويجدون ونحن نهزل، ويبذلون ونحن نبخل، ويتعاونون ونحن نتخاذل، ويتكلمون ونحن نتواكل!
للجامعة العربية في كل شهر مؤتمر، وفي كل أسبوع مجتمع، وفي كل يوم قرار، وفي كل ساعة تصريح، وفي كل دقيقة خطبة؛ وكل أولئك يحمله الهواء إلى المجاهدون المجاهدين أصواتا لا تدفع سيارة، ولا ترفع طائرة، ولا تحشو مدفعاً، ولا تملأ بطنا، ولا تبعث قوة، فإذا جاء يوم العمل نظر بعضهم إلى بعض، فإذا الأول واقف لأن ترومان لم يتقدم، وإذا الثاني ساكت لأن بيفن لم يتكلم، وإذا الثالث مترجح لأن الآخرين لم يستقروا على رأي!