ثانياً - أبواب علم الاجتماع: العلوم الاجتماعية الجزئية
يميز كونت في علم الاجتماع بين قسمين: الاجتماع الاستقراري والاجتماع الديناميكي (التطوري). ويدرس الاجتماع الاستقراري المجتمع من حيث هو ثابت في وقت معين من حياته، ويبحث عن قوانين توازن المجتمعات؛ فإن الأفراد يحيون في كل لحظة حياة معينة، وتقوم بينهم علاقات معينة تكفل التماسك الاجتماعي. ويجب أن يكون هناك نوع من العلاقات المحددة بين جميع مظاهر الحضارة المختلفة في كل وقت، بمعنى أن حالة معينة من العلم مثلاً يتصل بها حالات معينة من الدين والأخلاق والفن والصناعة وما إلى ذلك؛ فالاجتماع الاستقراري إذن يبين هذه العلاقات والروابط التي يقوم عليها التماسك الاجتماعي. أما الاجتماع التطوري فإنه يدرس المجتمع في تطوره ويبحث عن قوانين ذلك التطور. ويرى كونت أن هناك قانوناً واحداً للتطور هو (قانون الحالات الثلاث تمر الإنسانية بمراحلها في تطورها؛ والإنسانية تتطور دائماً. وهذه المراحل أو الحالات هي: المرحلة اللاهواتية، فالمرحلة الميتافيزيقية، فمرحلة العلوم الوضيعة. ولما كان علم الاجتماع أعقد العلوم الوضيعة كلها فإنه يتناول، لا مشكلة واحدة فحسب، بل مشاكل ومسائل مختلفة ومتعددة بتعدد مظاهر الحياة الاجتماعية. فهناك إذن فروع لعلم الاجتماع، أو علوم اجتماعية جزئية بمقدار تلك المظاهر المختلفة للظاهرات الاجتماعية التي لم تحص بعد. ويرى دور كايم أن من سبق الوقت أن نضع تصنيفاً منهجياً للظاهرات الاجتماعية لتعقدها وتعددها، ولكن من الممكن، في نظره، أن نبين بشكل ما الأقسام الرئيسية التي ينقسم إليها علم الاجتماع
إن أول ما يتوجه إليه نظر الاجتماعي هو المجتمع من ناحية الخارجية، فيظهر له أنه تكون من كتلة من السكان لها عدد معين وكثافة معينة، وتسكن أرضاً معينة تتوزع عليها بشكل معين، وتربطه بما حوله من المجتمعات علاقات وصلات وروابط معينة، وفيه طرق