للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شك فيه أن سواد المسلمين من شيعة وسنيين لم ينظروا إلى التصوير نظرة الارتياح؛ ولذلك لم يكن مجالاً لنشاط أغلب فنانيهم. على أن الذين ترخصوا فيه زاولوا رسم الأحياء في كل العصور الإسلامية تقريباً: في القرن الثاني بعد الهجرة في قصير عمرا، وفي القرن الثالث في قصور (سر من رأى)، وفي القرن الرابع في الحمام الفاطمي بالقاهرة، وفي القرن الخامس في مدينة الزهراء، وفي القرن السادس في قصر الحمراء، وفي القرن السابع في ديار بكر وقونية. وفي مثل هذه الأمثلة التي ذكرناها صور آدمية وحيوانية مسطحة ومجسمة تنطق بأن الفنان المسلم في هذه الناحية قد أجاد إجادة نسبية بالقياس إلى عصره.

على أن عبقريته الفنية لم تتجل في هذه الناحية بقدر ما تجلت في المخطوطات، فقد شغف المصورون المسلمون بتجميل المخطوطات وتزيين كتب العلم والدين والأدب والتاريخ والصناعة بصور تفسر ما تتضمنه من بحوث وحوادث وما تتناوله من الآلات والحيل الميكانيكية.

فكراهية التصوير كان لها أثر بعيد في الفن الإسلامي إذ كان عاملاً فعالاً في نضوج تلك الزخارف الإسلامية الرائعة التي لم ينتج مثلها فن من الفنون السابقة على الإسلام أو اللاحقة له.

(يتبع)

محمد عبد العزيز مرزوق

<<  <  ج:
ص:  >  >>