قد راعيت يا سيدي أن اقدم إليك مسألة واحدة حتى لا يشق على مجلة (الرسالة) ردك. . . وهذه المسألة هي (القضاء والقدر) هل الإنسان مسير أم مخير؟. . . وقد وجهت هذا السؤال من قبل لأستاذي فرد علي رداً لم أر فيه مقنعا. . . فتضاربت الآراء بعقلي وإني لأخشى على نفسي وعلى إيماني. . .
محمد علي طالب
بمعمل قنا
مسألة القضاء والقدر هي مسألة الحرية الإنسانية في جميع نواحيها، فهي بهذه المثابة مسالة قضائية نفسية علمية، وليست بالمسألة الدينية وكفى.
وليس من الميسور أن تحل هذه المسألة من جميع وجوهها حلا يدفع كل اعتراض، ويوافق كل رأي، ويكشف النقاب عن العلاقة بين حرية الإنسان وقوى الكون الذي يعيش فيه. فإن العلم بحدود حريتة يتوقف على الإحاطة بهذه العلاقة من جميع أطرافها، وليس ذلك بالمستطاع في عصرنا هذا، ولا نخاله يستطاع كل الاستطاعة في وقت من الأوقات.
لكن المستطاع الذي لا شك فيه أن مسألة القضاء والقدر هي نفسها حل معقول أسهل من جميع الحلول التي تذهب إليها العقول. . .
فبما يقول من ينكر القضاء والقدر كأنه شيء لا يوافق العقل ولا يساغ في منطق التفكير؟
أيقول بأن المخلوقات يجب أن تختلف وأن تتساوى مع ذلك الاختلاف في كل قدر وقضاء؟
ذلك حكم لا يسوغ في عقل عاقل. لآن اختلاف التقدير لازم مع اختلاف الأقدار.
فإذا اختلفت أقدار المخلوقات وأوصافها فلا يخطر على العقل أن تكون بعد ذلك سواء في الأعمال والتقديرات.
وإذا هي لم تختلف فكيف يريد المعترضون أن تكون؟ وكيف يتوهمونها في الخيال فضلا عن تقديرها في عالم الفكر أو عالم العيان!