دهم شبيب بن يزيد الكوفة فهب الحجاج لدفعه. وعقد مجلسا حربيا من قواد الجيش أبطال حرب وأركان الإدارة واخذ يشاورهم فيما يجب أن يعمل لدفع جيوش شبيب المجتاحة للكوفة والمهددة للسلطة الأموية في العراق وإيران بأشد الأخطار وأفتك الأضرار، فقام من بين الصفوف رجل عليه جلال ووقار وفيه صيد وخيلاء، أخذ كرسيه ووضعه أمام الحجاج وقال له: أن الأمير والله مل راقب الله، ولا حفظ أمير ولا نصح المرعية. فغضب الحجاج وقال من المتكلم؟ فقام قتيبة بن مسلم وأعاد كلامه فقال الحجاج فما الرأي؟ قال قتيبة: الرأي أن تخرج أنت إلى شبيب فتقاتل حتى يرتد. قال الحجاج فارتد لي معسراً واغد إلى. ولما أصبح القوم غدوا الحجاج فجعل رسوله يخرج ساعة بعد ساعة يسأل عن وقتيبة لما يأت بعد.
جاء قتيبة عليه قباء هروي أصفر وعمامة خز أحمر متقلداً سيفاً عريضاً ففتح له الباب فخل بغير استئذان، ولبث الحجاج طويلا ثم خرج وأخرج معه لواء منشورا. وركب فرساً أغر محجلاً كميتاً. وركب الحجاج على بلغته وسار الاثنان وسار الناس وراءهما إلى السبخة حيث يعسكر شبيب وهناك دارت المعركة الحاسمة فانهزمت الخوارج ورجع الحجاج وقتيبة ومن معها من أبطال الدفاع ظافرين منتصرين.
وخشى الحجاج على سلطانه من يزيد بن المهلب وإلى خرسان ومن آل المهلب الكرماء الشجعان فعزم على التخلص منهم وانقاء ما قد يحدث عن عرامهم. ولكن من يدخل خرسان بعد يزيد ابن المهلب وخرسان عرين يزبد ومسبعه آل الملهب؟
ليس لهذا الأمر الخطير إلا قتيبة، فقتيبة إلى الملهب عن خراسان فعزله وولى مكانة قتيبة بن مسلم؛ فطار قتيبة إلى خراسان فوجد المفضل بن الملهب (الوالي الموقت) يعرض الجند لغزوة يريد أن يغزوها فإزاحة عن موقفه وحل مكانة واستعرض الجند وخطب فيهم حاثا على الجهاد. ثم رتب شؤون الإدارة والحكم واستعرض الجند في السلاح وطار بهم إلى غزو أعدائه وفتح بلادهم للإسلام والمسلمين فكان التوفيق يحفه في روحانا وغدواته، والنصر يرافقه في وثباته وغزواته.